كتب احمد المسيري
شاركت د.هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة معهد التخطيط القومي في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي للمعهد في نسخته الرابعة المنعقد بعنوان “الصحة والتنمية المستدامة”.
وأكدت د.هالة السعيد سعادتها بالمشاركة رفيعة المستوى من نُخبة من الخبراء والأكاديميين وأساتذة المعهد في مختلف التخصصات، في ظل شراكة ناجحة مع كل من كلية الشئون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا ومشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
الصحة والتنمية المستدامة
وأوضحت أن أهمية مؤتمر اليوم تأتي في ضوء ما تتناوله جلساته على مدار يومين من جوانب متعددة متعلقة بإحدى أهم قضايا التنمية التي تشغل اهتمام الحكومات والشعوب وتشكّل ملامح المستقبل الذي نسعى ونأمل أن يكون أكثر ازدهاراً للأجيال القادمة، وهي قضية الصحة، ودورها في تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، والتي يأتي في القلب منها الهدف الثالث “الصحة الجيدة والرفاهة”، والذي يستهدف ضمان تمتّع الجميع بأنماط حياة صحية وتحقيق الرفاهية في جميع الأعمار.
وأضافت السعيد أن تحقيق تلك المستهدفات بات يواجه تحديات كبيرة على مستوى كافة الدول نتيجة لتداعيات أزمة تفشي جائحة كوفيد 19، والتي أبرزت فجوات النظام الصحي العالمي، حيث تشير النتائج الى أن العالم لم يقطع شوطاً كبيراً في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأممية المرتبطة بالصحة، فهناك على الأقل نحو ٤٠٠ مليون شخص محرومين من الخدمات الصحية الأساسية على مستوى العالم.
القضاء على الفقر
أشارت إلى أن التقدم في تحقيق تلك الأهداف يتم بنسب متفاوتة بين الدول وبعضها، بل وبين الأقاليم داخل الدولة الواحدة، إضافة إلى ذلك فإنه في الوقت الذي كان العالم والنظام الصحي مازال يتعافى من آثار تلك الجائحة، والضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي صاحبتها، ظهرت العديد من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الأخرى، وعلى رأسها الأزمة الروسية الأوكرانية والحرب على غزة، وما أرتبط بذلك من ارتفاع مستويات التضخم لمعدلات غير مسبوقة.
تابعت أن توافر التمويل واستدامته، يُشكل أحد أهم التحديات التي تواجه تحقيق التغطية الصحية الشاملة على مستوى العالم، هذا في الوقت الذي يرتبط فيه تحقيق هدف التغطية الصحية الشاملة ارتباطاً وثيقاً بتحقيق كافة أهداف التنمية المستدامة الأممية الأخرى، وعلى رأسها تحقيق الهدف الأول، “القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان”.
الصحة والمال
وأوضحت أن الدراسات تشير الى أن صياغة السياسات الاقتصادية الداعمة لتحقيق هدف الصحة للجميع يمثل أداة محورية لمنع تكرار الأزمات المرتبطة بتفشي الأوبئة، أو على الأقل إتاحة استجابة الدول بشكل أسرع لتلك الأزمات، وهو ما يستدعي إحداث التوافق بين مستهدفات السياسات الاقتصادية، والصحية والاجتماعية، والبيئية، وهو ما يستلزم انتهاج كافة مؤسسات الدولة لمنهج متكامل، بالتركيز على السياسات الصحية والمالية، وذلك في إطار النظر للإنفاق على القطاع الصحي باعتباره إنفاقا استثماريا ومحركا للنمو طويل الأجل، ولا يدخل في نطاق النفقات قصيرة الأجل.
رؤية مصر ٢٠٣٠
وأضافت أن مصر ليست بمعزل عن كل تلك المتغيرات والتعقيدات العالمية، إلا أن الدولة المصرية شرعت في تبنّى نمط استباقي لمواجهة تلك الأزمات من منظور تنموي شامل عند التعامل مع قضية الصحة، ودورها في تحجيم الفقر والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة لدى الدولة بأهمية توفير التغطية الصحية الشاملة للجميع، بما تشمله من صحة جسدية ونفسية، خصوصاً للنساء والأطفال والمراهقين.
وينعكس ذلك أيضاً من خلال ما جاء في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة: رؤية مصر 2030 من مستهدفات لتحسين المستوى الصحي للمواطنين بشكل منصف وعادل للجميع، والممكّنات ذات الصلة بقضية الصحة التي تتضمنها الاستراتيجية، وهي توفير التمويل بشكل مستدام وأكثر اتساقًا مع متطلبات التنمية.
الصحة والتعليم
وكذلك التحول الرقمي سعيًا إلى استخدام التطبيقات الالكترونية في مجالات التنمية البشرية (الصحة والتعليم)، بالإضافة إلى ضبط الزيادة السكانية والتي تقوّض جهود الدولة التنموية، بهدف خفض معدلات الزيادة السكانية لإحداث توازن بين معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات النمو السكاني، وبالتالي زيادة نصيب الفرد من الانفاق العام وزيادة مستويات الدخل الفردي وتحسين الخصائص السكانية.
وأشارت إلى أن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2024/2025 تستهدف توجيه أكثر من 42% من الاستثمارات الحكومية لقطاعي الصحة والتعليم ، كما توجه الخطة ثلثي الاستثمارات الحكومية للتنمية البشرية وخدمات مياه الشرب والصرف الصحي.
وذلك إلى جانب توفير الكوادر الطبية اللازمة لتشغيل المستشفيات والوحدات الصحية، وأطقم السائقين والمسعفين لتشغيل سيارات ونقاط الإسعاف، لضمان الاستفادة من الاستثمارات الضخمة التي يتم توجيهها لقطاع الصحة، وتفعيل تنفيذ حزمة الحوافز الاستثمارية للقطاع الخاص التي تم إقرارها لزيادة مساهمته في تقديم الخدمات الصحية، مشيرة إلى زيادة حجم الاستثمارات العامة الموجّهة لقطاع الصحة في العشرة أعوام الأخيرة بنحو 13 ضعفا.