يعتبر الاستثمار في هذا القطاع من أهم العوامل الرئيسية التي تتحكم في معدل النمو الاقتصادي من ناحية، وفي كميته، وكيفية هذا النمو مـن ناحيـةأخرى. أي أن معدل النمو المطلوب، يتوقف على القدرة في جـذب التـدفقاتالنقدية المطلوبة، وهذا يتوقف على القـدرة فـي تـوفير الحـوافز والمزايـاوالتسهيلات التي يكون لها تأثير نسبي على أصحاب رؤوس الأموال في اتخاذ القرارات بالاستثمار في أي بلد وبالتبعية التـأثير فـي حجـم الاسـتثمارات
في إطار ما باتت الحكومة تتخذه من خطوات حثيثة في سبيل تطوير قطاع التعدين ورفع مساهمته في الاقتصاد القومي، أصبحت كل المعادن التي تمتلكها مصر والتي تتنوع من حيث النوع والكم والموقع في طريقها للاستغلال،
إذ وضعت الدولة خطة طموحة تنفذ من خلالها برنامجًا شاملًا لتطوير صناعة التعدين أهم أهدافه هي الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة والنهوض بمنظومة التعدين المصرية. الخطة التي وضعتها الدولة لتنمية الثروة المعدنية
والتي تمت بعد دراسة كافة التحديات المحلية والعالمية التي تواجه القطاع، تضمنت استراتيجية شاملة لتطوير القطاع بمختلف أنشطته، بداية من تطوير التشريعات ذات الصلة لجذب الاستثمارات، وصولًا إلى توقيع العديد من الاتفاقيات العالمية لتنفيذ عدد من المشروعات
التي تستهدف تحقيق أقصى استفادة من ثروات مصر التعدينية، والعمل على زيادة القيمة المضافة منها، وزيادة مساهمة النشاط التعديني في الناتج المحلى الإجمالي، ضمن توجه للحكومة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة.وفي إطار تكثيف الهيئة لمجهودتها لمكافحة كافة انواع الفساد والمخالفات التي تطول اي خام في أي موقع بجمهورية مصر العربية سواء عن طريق زيادة عدد التفاتيش على المناجم والمحاجر ليقارب الخمسة عشر مركزا تعدينيا و تفتيشا لتغطية كافة ارجاء المواقع المختلفة في محافظات مصر ، أو عن طريق تحديث المقرات الرئيسية والفرعية لها باحدث الطرق والمعدات التي من شأنها أن تسهل من عملية فرض الحماية والسيطرة على تلك المواقع النائية
وكذا تسهيل إجراءات البحث والتنقيب وبالتالي زيادة الدخل القومي من هذه الموارد ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر و استكمال منظومة التأمين والتطوير في المبنى الرئيسي بالقاهرة وذلك بتركيب بوابات إلكترونية لتنظيم حركة دخول وخروج الأفراد من وإلى الهيئة بالإضافة لتركيب مجموعة من كاميرات المراقبة الحديثة وخاصة في الإدارات التي تتعامل مع الجمهور وعلى رأسها الإدارة العامة للترخيص والتفتيش ،
كما سعى في شراء أسطول جديد من السيارات الخاصة بالمواقع الصحراوية الوعرة وتم توزيع هذه السيارات على مراكز التعدين والتفاتيش المنتشرة في جمهورية مصر العربية ، و تأتي هذه الخطوات في إطار تنفيذ الرؤية الشاملة للدولة التى تهدف إلى تطوير العمل الإداري والأمني خاصة في القطاعات التي تتعامل مباشرة مع المستثمرين لتذليل العقبات وتقليل الوقت اللازم لإنهاء الإجراءات المطلوبة.
ما حدث في مشروع فوسفات أبو طرطور الذي تكلف نحـو ١٢ مليـارجنيه طبقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث كان المستهدف من هذا المشروع توفير احتياجات السوق المحلية من الفوسفات بمعدل مليون طن سنويا وتصدير ٧ ملايين طن سنويا إلي الاتحاد السوفيتي الذي قـام بتوريد معدات إنتاج الفوسفات، إلا أن ذلك لم يتحقـق وتوالـت خـسائره برغم وجود مشروعات كاملة للبنية الأساسية، ومنها مدن سـكنية وخـط سكة حديد من الموقع إلى ميناء سفاجا علي البحر الأحمر. بالإضافة إلـىانعدام تشغيل المناجم بكامل طاقتها وسرقة أكثر من خمسين كيلو مترا من خط السكة الحديد، وتسريح العمال الذين تم تعيينهم لتشغيل المشروع، كل هذا أدي إلي تهديد المشروع بالإغلاق على الرغم مـن حجـم الأمـوال المستثمر فيه إلا أنها مع سوء التخطيط تم هدرها.
كما أن طبيعة المشروعات التعدينية تقوم على كثافة رأس المال أكثر مـن كثافة العمالة وهذا يوضح أن تأثير زيادة العمال وان كان يعمل على زيادة الناتج إلا انه ليس تأثيره ككثافة رأس المال فمساهمة رأس المـال كأحـد عوامل الإنتاج يعد الأهم في قطاع التعدين، ولكن تأثيره من حيث مساهمة عدد العمال أنما يكون في كونه أحد الأعمدة الأساسية لقيـام الـصناعات التحويلية عليه في العديد من القطاعات التي تتطلب بدورها عمالة أكبر.
أما عن تأثيرات رأس المال، وحجم العمالة في زيادة الإنتاج فـي قطـاعالتعدين، وما يترتب على ذلك من زيادة الناتج المحلى سوف نتحقق منـه أكثر عند تطبيق نموذج كوب –دوجلاس القادم
أن التوزيع القطاعي للاسـتثماراتالأجنبية المباشرة في ٢٠٠٧ أثمر عن استمرار الاستثمارات الأجنبية الموجهة لقطاعات النشاط الأول – وعلى الأخص الـصناعات الاسـتخراجية – فـي الزيادة على النحو الذي شهدته السنوات السابقة، بحيث أصبح نصيبه من هـذه الاستثمارات يناظر ما كان عليه في الثمانينات مـن القـرن الماضـي .
وقـد ارتفعت تدفقات الاستثمارات الأجنبية الموجهة لهذا القطاع لتبلـغ %١٣ مـن إجمالي الاستثمارات في الأعوام ٢٠٠٤ – ،٢٠٠٦ كما أن نصيبه من رصـيدالاستثمارات الأجنبية يبلغ ٨ .% وفي حين أن رصيد الاسـتثمارات الأجنبيـةفي قطاع الصناعة التحويلية يمثل نحو ثلث أجمالي الاستثمارات الأجنبية في العالم، فقد لوحظ انه حصل فقط على ربع التدفقات الجديـدة خـلال الأعـوامالثلاثة الأخيرة. وبالتالي كان قطاع الخدمات هو المـستفيد الأساسـي، وهـوالقطاع الذي يضم الاتصالات والطرق والنقل والكهربـاء والميـاه والبنـوكوالتأمين والصحة والتعليم….. وهي القطاعات التي يتطلع رأس المال الأجنبي للدخول إليها خلال السنوات المقبلة خاصة من خلال عمليات الخصخصة التي تتم للمرافق ومشروعات البنية الأساسية سواء في الدول الرأسمالية المتقدمـة ذاتها أو دول العالم الثالث
أهمية زيـادة معـدلات الاسـتثمار وحجـم العمالـة الموجهـة إلى قطـاع التعدين ولتحديد أهمية الاستثمار في قطاع التعدين وأثـره فـي زيـادة النـاتجالمحلى، سوف يتم استخدام دالة كوب دوجلاس والتي يمكن مـن خـلا لهـاتوضيح علاقة رأس المال و عدد الع مال وقدرتهما على زيادة الناتج المحلـىبزيادة المنتج من قطاع التعدين .وذلك من خلال قياس أثر كل من رأس المـالوعدد العمال واللذان تستخدمهما الباحثة ك مؤشرين لزيادة الناتج المحلى خـلالنموذج قياس، وذلك من أجل التحقق من وجود علاقة طويلة الأجل ، طردية أوعكسية، تربط بين الناتج المحلى وزيادة رأس المال المستثمر و عدد العمال في
قطاع التعدين، خلال الفترة (٢٠٠٠ ٢٠٠١/ إلى ٢٠١٢/٢٠١١) .ولقد أثبتت العديد من الدراسات التي أجريت حول العلاقـة بـين النـاتجالمحلى وزيادة رأس المال المستثمر و عدد العمال على دول مختلفـة وخـلالفترات زمنية مختلفة، نظرياً وكمياً، أن هناك درجة من الاستجابة بـين حجـمرأس المال المستثمر و عدد العمال وزيادة الناتج المحلى للقطاع ، إلا أن درجةواتجاه التأثير يختلف من دولة لأخرى عبر الزمن . هذه الدراسات تؤيد الـدورالفعال للمتغيرات المستقلة التي اختارتها الباحثة في تفس ير العلاقة بين النـاتج المحلى وتنمية قطاع التعدين من خلال رأس المال المستثمر (كمؤشـر لـدورالسياسة المالية في رفع معدلات الناتج المحلى )، وعدد العمال(كمؤشر للتـأثيرالاجتماعي لزيادة عدد العمال في هذا القطاع وأثـره علـى زيـادة النـاتج)كمحددين رئيسيين في النموذج المستخدم في هذه الدراسة.
نستخلص مما سبق أن من أهم مستلزمات نجاح العمل بقطاع التعدين هـويرتبط بالأساس بالتصور البعيد المدی والإرادة السياسية الواعية والرغبة الجادة فی تنمية اقتصادية بصورة عامة وتنمية صناعية تتعلق بهذا القطـاع بـصورة خاصة ووضع الخطط الاقتصادية اللازمة لتحقيق الأهداف المرغوبة وترجمـة هذه الخطط إلى سياسات اقتصادية من شانها خلق البيئة الملائمة لتشجيع القطاع الخاص والأخذ بالاستثمارات الأجنبية فی مجـالات التعـدين واتخـاذ جميـع الإجراءات الأزمة لحماية وتطور هذا الاستثمار وان كنا نختلف مـع التجربـةالصينية في قدرتها على فصل الاستقرار الاقتصادي عن الاسـتقرار الـسياسيوالتحول الديمقراطي إلا أن ذلك يصعب تحققه في مصر لاخـتلاف التوجهـاتالاجتماعية والثقافية والسياسية لدينا.
وباختبار الفرضية نتأكد من قدرة قطاع التعدين على إحداث التنمية بشقيها (الاقتصادي، الاجتماعي) وفق قواعد محددة وبحل جميع المشكلات المتعلقـة بتنميته وإزاحة كافة المعوقات التي من شأنها عرقلة ما يمكن أن يقدمـه هـذاالقطاع في معالجة كافة المشكلات الاقتـصادية والاجتماعيـة الراهنـة . مـع الاستفادة من كافة التجارب السابقة علينا في هذا المجال فـي وضـع إطـارتخطيطي متكامل من شأنه دفع عجلة الاقتصاد القومي ككل خاصـة مـع أن قطاع التعدين من أهم القطاعات التي تبنى عليها كافة الصناعات الاستخراجية والتحويلية والتصنيع من اجل التصدير.