د. عادل عامر

علاقة اللياقة البدنية بالصحة

كتب د/  عادل عامر

       أولاً: اللياقة البدنية ترتقي بالمستوي الصحي نتيجة التأثير الإيجابي للممارسة التمرينات :-

يجب أن نضع فى اعتبارنا أن الصحة النموذجية هي مستوى أعلى من مجرد الخلو من الأمراض وبمعني أخر لا يعتبر مجرد خلو الشخص من الأمراض المؤشر النهائي لوصوله لمستوى الصحة النموذجية.

مما سبق يتضح لنا أن مؤشرات الصحة النموذجية متعددة ، ولا شك أن أهمها خلو الشخص من الامراض ، لكنه ليس المؤشر الوحيد.

–        هناك مستوى أعلي نموذجي للصحة ، وهذا المستوي يمكن أن تسهم برامج ممارسة اللياقة البدنية بإنتظام فى الوصول إليه،  فممارسة التمرينات بانتظام، والتمتع باللياقة البدنية الجيدة، يساعدان على الوقاية من الامراض  إضافة إلى الاسهام فى الارتقاء بالمستوي الصحي للشخص واقترابه من الصحة النموذجية.

–        تحسن الصحة الناتج عن ممارسة التمرينات البدنية بانتظام يؤدي إلى أن يشعر الشخص بحياة أفضل.

–        الصحة الجيدة المرتبطة باللياقة البدنية الممتازة ، يمكنها أن تسهم فى أن ينظر الشخص للحياة بتفاؤل، كما أنها تسهم فى تمتعه بها.

–        ثانيا: اللياقة البدنية الجيدة تساعد الاشخاص على التمتع بوقت الفراغ :

–        الاستمتاع بوقت الفراغ أحد مؤشرات الصحة النموذجية.

–        الشخص الذي يكون وزن جسمه فى المعدلات الطبيعية أي غير مصاب بالسمنة وليس لديه مشكلات فى الظهر، ولا يعاني من أمراض ضغط الدم  يكون قادراً على المشاركة بأنشطة وقت الفراغ بصورة أفضل من الاشخاص الذين لا يتمتعون بتلك الخصائص، ومن ثم تكون أحد مؤشرات الصحة النموذجية قد توافرت له .

–        ثالثاً: تمتع الشخص بلياقة بدنية جيدة يساعده على القيام بأعماله بفاعلية:

–        المقدرة على الوفاء بمتطلبات الاعمال فى الحياة مؤشراً أخر للصحة النموذجية، والشخص الذى يتمتع بلياقة بدنية جيدة، سوف يكون قادراً على مقاومة التعب بدرجة أفضل، وسوف لا يشعر بالآلم العضلي الناتج عن أداءه للمجهود بنفس درجة من لا يملك لياقة بدنية جيدة.

–        سوف يتمكن الشخص الذى يمتلك لياقة بدنية جيدة من أن يدخر بعض من طاقته فى نهاية وقت عمله، وبالتالي يمكنه استخدامها فى أغراض متنوعة بالحياة.

–        فى إحدى الدراسات العملية التى اجريت على الموظفين الذين تتاح لهم فرصة ممارسة تمرينات اللياقة البدنية، اظهرت الدراسة أن 75% منهم قد تحسن احساسهم بكيانهم وذاتهم، وشعروا بحسن التواجد والمعيشة، كما تناقص لديهم الشعور بالكسل بنسبة 50%.

–        الاشخاص الذين يتمتعون بعناصر لياقة بدنية عصبية جيدة يكونوا قادرين على مزاولة اعمالهم بكفاءة وفاعلية، خلال انجاز الاعمال التى تتطلب مهارات حركية خاصة.

–        رابعاً: اللياقة البدنية الجيدة تساعد الاشخاص على العمل بأمان ومقابلة الحالات الطارئة غير المتوقعة:

–        الحالات الطارئة لا يمكن توقعها، وحينما يصادف الاشخاص حالات طارئة غير متوقعة فإنهم يحتاجون خلالها للياقة بدنية جيدة حتى يمكنهم التعامل معها، من أمثلة ذلك حالات التعثر بالطريق، أو بالمنزل، أو تفادي أجسام تقترب بسرعة عالية من الشخص، وتهدد بالاصطدام به واحداث بجسمه.

–        خامساً: اللياقة البدنية ضرورية لانجاز الحركات الميكانيكية والابتكارية فى الحياة اليومية :

فيما يلي نقدم نصاً مقتبساً من أحد الحكماء يوضح به أهمية اللياقة البدنية:

أن الرابطة بين الجسم ونشاط العقل علاقة قوية ومعقدة  ولم يعرف الكثير عنها حتى الآن، ولكن الاغريق توصلوا إلى أن الذكاء، والمهارة ، يمكن أن يتفاعل كلاهما ليحققاً قمة سعتهما ، حينما يكون البدن سليم ، ويتمتع بالصحة ولاقوة وقوة الروح ، أن العقل المفكر يسكن دائماًَ فى الجسم السليم.

واللياقة البدنية هى الاساس فى كافة أنشطة المجتمع ، فإذا ما نمت اجسامنا فى ترف وبدون حركة ، واذا ما فشلنا في تشجيع تنمية البدن ، والشجاعة، فإننا نكون غير قادرين على التفكير، والعمل ، واستخدام تلك المهارات بحيوية من أجل مجتمعاتنا.

–        سادسا: اللياقة البدنية الجيدة يمكن أن توفر المال :

أشارت نتائج الابحاث العلمية الحديثة، أن الحياة المقعدة بدون أو قليلة الحركة تكلف دول العالم الكثير من المال الذى ينفق على علاج امراض نقص الحركة كل عام ، حتى على مستوى الشخص كفرد فإنه يستطيع توفير الكثير من المال المنصرف على علاج كثير من الامراض المتعلقة بنقص ممارسة التمرينات البدنية اذا ما مارسها بانتظام.

التطور التاريخي للياقة البدنية :

اهتم المؤرخون بدراسة تاريخ اللياقة البدنية منذ العصور التى لم تعرف التسجيل، وكان سبيلهم فى هذا هو دراسة طبقات الارض، ورغم كون ما توصل اليه المؤرخون عن هذه الفترة لم يصل الى حد اليقين الا انهم اشاروا الى ان اهم أهداف التربية فى هذه الحقبة من التاريخ كان تنمية الكفاءة البدنية فى صورة اجسام قوية صلبة تستطيع حمل الاسلحة الثقيلة المستخدمة فى ذلك الوقت والتى كانت تصنع من حجر الصوان، وذلك بما يضمن للفرد الامان والطعام.

كما عني قدماء المصريين باجسامهم، فالرجال منهم يمتازون باجسام قوية صلبة متناسقة، والسيدات رشيقات يعنين بجمال اجسامهن، وتشير بعض الاثار التى عثر عليها فى الدير البحري الى سخرية الملكة جتشبسوت (الاسرة الثامنة عشر 1490 – 1468ق.م)  من النساء البدينات.

  وقد كانت اللياقة البدنية أساساً من أسس تولي الحكم ، فقد كان يتطلب الامر ان يقطع الحاكم فى يوم تنصيبه شوطا من الجري اسموه شوط القربان ويشير هيروديت الى أن الفراعنة مارسوا أنواع التدريب لمدة طويلة تحت اشراف نظام صارم بهدف رفع كفاءتهم البدنية مما اكسبهم القوة والجلد، وكان الملوك والامراء يحضرون المباريات ويمنحنون الهبات والهدايا للفائزين.

والدارس لتاريخ الالعاب الرياضية عند الفراعنة يستطيع أن يلاحظ مقدار ما كان يتمتع به الفرد فى هذه الحقبة التاريخية من لياقة بدنية قد تتشابه الى حد كبير مع ما يتمتع به الانسان المعاصر. فقد كانوا يمارسون العاب الكرات والمصارعة والعدو والتسلق وشد الحبل والوثب العالي والتجديف والرقص ورفع الاثقال والرماية والسباحة والانقاذ والصيد والفروسية والمبارزة والملاكمة والهوكي واليوجا ورغم ذلك فمراجع التاريخ تشير الى ان الاجسام القوية الضخمة كانت الاجسام المفضلة فى ذلك الوقت.

 واذا انتقلنا عبر هذه السطور من عصر الفراعنة الى الحضارة الاغريقية التى انبثقت من حضارة شعوب شمال أوروبا القديمة ACHAEAHS  التى نزحت الى اليونان وحكمتها عام 1200 ق. م حيث كان هناك نوعان من التربية هما:

–        التربية فى اسبرطة : حيث سيطر الطابع العسكري على التفكير حتي اصبح الهدف هو اعداد مواطن قوي شجاع جسور ومطيع لرؤسائه، واعداد امهات اقوياء ليلدن ابناء اقوياء لاسبرطة، وكانوا يتركون المواليد الضعفاء ليموتوا على سطح جبل تاريجنس وكان مفهوم اللياقة البدنية هو اكساب الفرد القوة البدنية.

–        التربية فى اثينا : حيث كان هدفهم اكساب الجسم الرشاقة والمرونة والجمال ولقد ذكرت الالياذة والاوديسة للشاعر الاغريقي هوميروس الكثير عن الفنون الرياضية فى هذا العصر ، كما اكد سقراط اهمية ممارسة الرياضة، واعترف افلاطون (رغم ثنائيته فى تمييز العقل او الروح على الجسد) بضرورة ممارسة الرياضة لكبح جماح شهوات الجسد ولتقديم خدمات افضل للروح وصرح ارسطو طاليس بأن الجسم والروح مرتبطان وان ملكات العقل تتاثر بحركات الجسم وحالته الصحية وعموما ، فقد تميزت ممارسة الرياضة فى المجع الاثيني بالجمال والتناسق والشمول والاعتدال والتفوق والفردية والفضيلة والارستقراطية.

وفى العصور الوسطي عني الاسلام بالتدريب البدني لاكساب الفرد القوة والمناعة، ويقول الشيخ محمود شلتوت : أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) قد حث المسلمين على ممارسة التدريب البدني ليعدهم للجهاد ولترويض اعضائهم لاكسابهم القوة والمناعة ، فترويض الاعضاء كالتدريب للجهاد سواء بسواء.

لقد كان الرسول (صلى الله عليه وسلم ) يحث المسلمين على مزاولة السباحة والرمي حيث قال : “حق الولد على الوالد ان يعلمه الكتابة والسباحة والرمي”  كما دعاهم الى الجري على الاقدام واقرهم عليه، وقد صح عن عائشة رضى الله عنها انها قالت: “سابقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فسبقته ، ثم سابقني فسبقني، فقال هذه بتلك” وهناك أيضاً المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف  وغير ذلك من الاحاديث والآيات التى تشير الى ضرورة تدريب البدن والاهتمام برفع كفاءته للحياة وللجهاد. 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس السيسي يؤكد دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

كتبت مني جودت أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في ...