كتب د/ عادل عامر
تُعَدُ حالة الأحزاب السياسية من حيث القوة أو الضعف مؤشراً على حالة النظام السياسي ودرجة تطوره في أية دولة، فالأحزاب تلعب دوراً هاماً في تدعيم الممارسة الديمقراطية باعتبارها همزة الوصل بين الحكام والمحكومين، بما يسمح بتنشيط الحياة الحزبية، وتعميق المشاركة السياسية للمواطنين .
– حيث ان للأحزاب السياسية اهمية كبرى داخل النظام السياسي الديمقراطى حيث انها تقوم بدور ملئ الفراغ بين الدولة و المجتمع . و هى التى تقوم بتجميع مصالح القوى الاجتماعية ومطالبها فى شكل زؤى و سياسات , تتنافس على التأييد المجتمعى لها
كما انها تطرح بدائل و خيارات فى الوعى الاجتماعى و السياسى و هى ايضا التى تقوم بتنشئة الكوادر السياسية المدربة حيث انها ايضا تقوم بدور الحكم و القيادة البديلة للوصول الى السلطة فى حال فوزها بالانتخابات التشريعية
و فى كثير من الاحيان تقوم الاحزاب بتكوين حكومة ظل للحكومة القائمة فى بلدانها فتثرى الرأى العام بالاطروحات البديلة و من ثم فوجود الاحزاب السياسية لاغنى عنة و هو يمثل جزءا سياسيا من الاساس الديمقراطى لأى نظام سياسى و جانبا مهما من الشرعية السياسية و الرضا ء المجتمعى .
في حالة مصر ارتبطت نشأة الأحزاب بظرفين احدهما موضوعي ،وهو وجود حالة من الأزمة فى المجتمع تتطلب ظهور تنظيمات سياسية لمواجهتها وطرح الحلول المختلفة لها .
والاخر ذاتى ،ويتعلق بالاحساس بانه يمكن حل هذة الازمة وان وضعا افضل يمكن ان يتحقق من خلال العمل العام وان هناك القوة الاجتماعية والقيادة الضرورية لتحقيق ذلك . حيث بدأت التجربة فى مصر مبكرا مقارنة مع باقى دول المنطقة ويعد عام 1907 هو البداية الحقيقية لتجربة التعددية الحزبية فى مصر
وقد مرت تجربة الاحزاب السياسية فى مصر بفترات متفاوته من الانتصارات والانتكاسات ،اوقات للقوة واخرى للضعف تعكس فى مجملها تجربة ثريه ،كما يمكن الخروج منها بانماط عامة تشكل اساس للتجربة والنظام الحزبى فى مصر ثم حدثت ثورة 25 يناير المجيدة حيث فتحت الباب واسعاً أمام حرية التنظيم السياسى والنقابى والاجتماعى،
فتأسست عشرات الأحزاب السياسية الجديدة من كل التيارات الفكرية والسياسية، إسلامية واشتراكية وليبرالية وقومية، حيث يوجد فى مصر الآن أكثر من سبعين حزباً حصلت على موافقة لجنة الأحزاب بعد استيفاء شروط التأسيس بالإضافة إلى عشرات الأحزاب تحت التأسيس لم تستكمل الشروط التى حددها قانون الأحزاب،
كما تشكلت مئات النقابات العمالية المستقلة خارج نطاق التنظيم النقابى الرسمى الذى تنظمه أحكام القانون رقم 35 لسنة 1976وتعديلاته، كما تأسست نقابات مستقلة للفئات التى تدخل فى نطاق النقابات المهنية، مثل النقابة المستقلة للمعلمين، ويقبل المصريون بمختلف توجهاتهم ومن مختلف الأجيال على عضوية هذه التنظيمات الحزبية والنقابية بوفرة ملحوظة،
حيث اجتذبت الثورة مئات الألوف من المصريين إلى ساحة العمل العام بكل أشكاله، وتحظى الأحزاب السياسية بنصيب وافر من هذا الإقبال، يتجلى بوضوح فى العضوية الكبيرة للأحزاب السلفية التى يؤسسها شيوخ السلفيين
ويقبل على عضويتها المريدون التابعون لهؤلاء الشيوخ، وبعد أن كانت علاقة السلفيين تقوم على علاقة الشيخ بالمريد، ها هى تتحول إلى علاقة مؤسسية داخل حزب سياسي . وعلى الرغم من أن هذه المرحلة، التعددية المقيدة، عمرها 36 عاما إلا أن عدد الأحزاب السياسية فيها وصل إلى 24 حزباً فقط. وأكثر من نصفها استمد شرعيته من القضاء، ولم يملك أغلبها أى فعاليات حزبية سواء بالتمثيل المؤثر في البرلمان أو التأثير على صنع السياسات العامة في الشارع المصري.
واتسمت الأحزاب فيها أولا بضعف مؤكد لمفهوم تداول السلطة على مستوى كل حزب وعلى مستوى نظام الحكم أيضا. ثانيا أعطيت لجنة شئون الأحزاب سلطة واسعة في الموافقة على قيام الأحزاب ووقف نشاطها أو صحيفتها والاعتراض على قراراته في إطار مقتضيات المصلحة العامة للدولة.
وبذلك فلقد تحولت معظم الأحزاب الجماهيرية إلى مؤسسات تصدر صحفاً فقط. ثالثا أن الكثير من هذه الأحزاب لم يكن لها قاعدة جماهيرية تذكر، وتحولت الأحزاب إلى أحزاب صحف ومقارا وليست أحزابا جماهيريةً رابعا كثرة الانشقاقات والصراعات الداخلية مما كان يدل على غياب آليات سليمة لاحتواء الخلافات والصراعات وعدم قبول الاختلاف والتنوع داخل كل حزب.
ومن ثم كان التناقض الذي وقعت فيه جميع الأحزاب المعارضة حيث كانت تطالب بتدعيم عملية التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي وهى بعيدة عن تطبيق هذه الآليات في إدارة شئونها الداخلية وأصبحت مقتصرة على بعض من هم ذوى .
للأحزاب السياسية دور في تنميه المجتمع , و هذا الدور , يجب ان يكون محدودا , حيث ان الدور الرئيسي للأحزاب السياسية في هذا الصدد هو تنميه الحياة السياسية و إرساء القواعد الديمقراطية , أما تنميه المجتمع , فيجب ان يكون دور مؤسسات و منظمات المجتمع المدني
. إلا ان الأحزاب السياسية أنما تقوم بدورها في تنميه المجتمع من خلال ما تقوم به الأحزاب من محاولات لتثقيف المواطنين , سواء سياسيا أو تعليميا . و أيضا ما تقدمه الأحزاب السياسية من أدوار هامه في الدورات التدريبية للمواطنين للقدرة علي التطوير الذاتي و تطوير النفس , و قيام الأحزاب السياسية بالمشاركة في الكوارث و الحالات الصعبة التي تمر بها البلاد عن طريق الدعم المادي و الدعم المعنوي .
دور الأحزاب السياسية في التنمية المجتمعية كبير جدا إذ تقوم هذه الأحزاب بالوقوف عند حاجات المجتمع والنزول عند رغبة عامة الناس في كثير من الأحيان وتعقد اللقاءات المجتمعية التي توثق علاقة المجتمع بالحزب السياسي وتقدم الأحزاب السياسية دعما ماديا ومعنويا ونفسيا لعامة الناس.
الأحزاب أمام واقع مأزوم بكل إبعاده وأمام بنية غير مواتية للتطور السياسي المتراكم للعمل السياسي وأمام تباين الخطاب السياسي مع الواقع والسلوك وهي بسبب ذلك متهمة بالقصور وبأنها تريد ان تخدم نفسها وقياداتها بالمكاسب على شكل مقاعد نيابية ومجالس محلية ، وهي اذا استمرت على مسارها الحالي الغير مؤثر في الحياة السياسية ستصبح أقرب إلى المؤسسات الاجتماعية منها إلى مؤسسات العمل السياسي وسيبقى التأييد الشعبي لها محدودا متراجعا.
• إعطاء أولوية الإصلاح السياسي للخروج من المأزق العام وضرورة ربط عملية الإصلاح الاقتصادي بالسياسي، وضمان تواجد مجالس تشريعية تكون مرافقة لعمليات الإصلاح الاقتصادي قادرة على الرقابة وضبط التجاوزات ومحاربة الفساد مؤسسيا ،
• أهمية انتخاب مجالس نيابية سياسية تمثل المجتمع تمثيلا حقيقيا بقواه السياسية والاجتماعية مع ما يتطلبه ذلك من تغير جوهري في قانون الانتخاب لينمي الوعي السياسي والحزبي ويؤدي إلى تمكين الأغلبية البرلمانية الحزبية من تشكيل الحكومة البرلمانية مستندة إلى أحزاب برامجية وطنية وحضور حزبي في مجلس النواب يحقق الشراكة الحقيقية الفعالة في صنع القرار الوطني .
• تفعيل شرعية العمل الحزبي ومؤسسات المجتمع المدني من خلال اعتراف الحكومات بالأحزاب تشريعيا، شريكا وركنا في النظام البرلماني الأردني، من خلال إدراج قائمة (متدرجة) مخصصة للأحزاب في قانون انتخاب يكون توافقي يرسخ النهج الديمقراطي والتعددية السياسية والوحدة الوطنية لإنصاف المرأة، وتعطى الأحزاب فرصة للتنافس الحر للفوز بثقة المواطن .