كتب د/ عادل عامر
شهدت العلاقات المصرية الهندية في مجال الاقتصاد والتجارة خلال الأعوام الماضية تطوراً ملحوظاً ونمواً مطرداً وزيادة ملحوظة في حجم التبادلات التجارية.
في مارس 2012، اتفقت اللجنة الوزارية المصرية- الهندية المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين ، في ختام أعمالها بالقاهرة ، على تعزيز التبادل التجاري بالبلدين ، وتشكيل مجموعة عمل في مجال التجارة والجمارك ، ودراسة الاستثمار المشترك في مجالات الزراعة ، والتصنيع ، والصناعات الغذائية ، وغيرها من المجالات .
كما اتفق الجانبان على إقامة مشروع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لمائة منزل في عدد من القرى المصرية ، وكذلك تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين المؤسسة الهندية لأبحاث الفضاء ، والهيئة الوطنية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء المصرية ، للتعاون في مجالات الاستشعار عن بعد والأقمار الصناعية
خلال الفترة من (يناير – يونيو ) 2010 ، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 1655.35 مليون دولار بنسبة ارتفاع قدرها 14,8 % بالمقارنة بنفس الفترة من عام 2009 ،وانعكس ذلك على الميزان التجاري الذي حقق فائضاً قدره 25.47 مليون دولار لصالح مصر خلال نفس الفترة،نظراً لأن الهند تعد ثالث أكبر شريك تجاري لمصر.
في 18 نوفمبر 2008 شهد الرئيس السابق حسني مبارك ورئيس الوزراء الهندي بقصر “حيدر أباد” بالهند التوقيع علي 6 أتفاقيات وهي اتفاقية الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والمهمة واتفاقية تبادل تسليم المجرمين والاعلانات المشتركة ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في عدد من المجالات التجارية والدبلوماسية والقضائية والصحية والاستخدام السلمي للفضاء.
وقع الاتفاقيات وزير الخارجية المصري ونظيره الهندي برناب موخرجي علي الاعلان الختامي الصادر عن زيارة الرئيس السابق مبارك للهند. كما وقع الوزيران علي 3 مذكرات تفاهم اولها للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للفضاء ووقعها رئيسا هيئة ابحاث الفضاء الهندي ” ايسرو ” ، كما تم التوقيع علي مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في مجال الصحة والدواء،
اما مذكرة التفاهم الثالثة فتتعلق بالتعاون في مجال التجارة والتعاون الفني ووقعها وزير الصناعة والتجارة السابق المهندس رشيد محمد رشيد ووقعها عن الجانب الهندي وزير التجارة كمال ناث.
تعتبر العلاقات بين البلدين هي علاقات تاريخية، حيث إن الهند كان لها دور في مصر منذ ستينيات القرن الماضي في تأسيس دول عدم الانحياز وكانت مصر لها دور والهند لها دور، بالتالي العلاقات طيبة بين البلدين سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
أن التبادل الاقتصادي بين مصر والهند تجاوز 7.5 مليار دولار، فضلا عن وعود بتجاوز التبادل الاقتصادي إلى 12 مليار دولار لتكون الهند بذلك ضمن أوائل الدول الشريكة لمصر.
لان مصر تمثل للهند بوابة لبضائعها نحو الأسواق الأفريقية، فضلا عن ما تشهده القاهرة من تنمية شاملة ومنها قناة السويس. أن الهند أصبحت الشريك التجاري الثالث لمصر،
وهناك 50 شركة هندية تعمل داخل مصر، أن محطة بمبان للطاقة الشمسية، وهي الأكبر حول العالم في أسوان؛ تأتي نتاج تعاون مصري هندي، ونيودلهي وافقت على تزويد مصر بـ 500 ألف طن من القمح في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية؛
وكانت مصر الاستثناء الوحيد في الحصول على القمح الهندي. إن هذه الزيارة تمثل أهمية كبيرة نظراً للعلاقات القوية التي تجمع مصر والهند، أن هذه الزيارة تأتي للاحتفال بيوم تأسيس جمهورية الهند فضلاً عن مرور 75 عاماً عن العلاقات المصرية الهندية.
وهذا يعكس تأثير الدور التي تلعبه مصر في المنطقة العربية والشرق الأوسط والقارة الأفريقية كما ان احد المحاور الأساسية للسياسة الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة هو “محور التوجه نحو الشرق” متمثلة في الدول الأسيوية في الشرق مثل الهند واليابان وغيرها من الدول الأسيوية. تمثل مصر لمنطقة الشرق الأوسط الدولة المحورية، كما تعتبر منفذاً جيداً للصادرات والمنتجات الهندية، وفرصة لاستثمارات مشتركة بين البلدين على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص، ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء فإن قيمة تحـويلات المصريين العاملين بالهند بلغت 5.82 مليـون دولار خلال العام المالي 2020-2021.
و تتمتع مصر والهند بعلاقات صداقة ودية تقوم على أساس الروابط الحضارية والثقافية والاقتصادية والعلاقات عميقة الجذور بين الشعبين، مستندة على القيم الثقافية المشتركة والالتزام بتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون في مجالات الدفاع والأمن والتقارب بشأن القضايا الإقليمية والعالمية، كما يعمل البلدان بشكل وثيق في المنتديات الدولية ومتعددة الأطراف.
كما تعد مصر حاليًا من أهم الشركاء التجاريين للهند بقارة أفريقيا، وثالث أكبر سوق تصدير لمصر عام 2021، كما تعد الهند سادس أكبر شريك تجارى لمصر في عام 2021، والشركات الهندية من أكبر المستثمرين الأجانب في مصر، وتقوم أكثر من 50 شركة هندية باستثمار حوالى 3.15 مليار دولار أمريكي في قطاعات متنوعة من الاقتصاد المصري، بما في ذلك المواد الكيميائية والطاقة والمنسوجات والملابس والأعمال الزراعية وتجارة التجزئة.
وتوفر هذه الشركات بصفة عامة فرص عمل مباشرة لما يقرب من 38000 مصري، وتخطط العديد من هذه الشركات لتوسيع استثماراتها بضخ استثمارات تراكمية تصل إلى 800 مليون دولار أمريكي، كما أبدت العديد من الشركات الهندية اهتمامًا بتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في مصر،
ووقعت 3 شركات هندية رائدة مذكرات تفاهم مع الحكومة المصرية بقيمة 18 مليار دولار أمريكي. في 2023 أرسلت مصر فرقة عسكرية قوامها 180 فردًا للمشاركة في احتفالات يوم الجمهورية الهندي في نيودلهي. ومن المفترض أن يقوم الرئيس المصري السيسي بزيارة رسمية إلى نيودلهي في ذات الشهر، حيث دعته الهند ليكون ضيفًا رئيسيًا في احتفالات يوم الجمهورية الهندية.
وحددت الحكومة الهندية ثمانية عشر مجالًا من مجالات الاهتمام للتعاون مع مصر، بما في ذلك الدفاع والزراعة والطيران المدني والأمن السيبراني والمزيد للتركيز على تنامي الشراكة الأمنية ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن التعاون في قطاع الفضاء.
ومن المتوقع توقيع 12 مذكرة تفاهم (MOU) خلال زيارة الرئيس السيسي لنيودلهي، والتي تركز بشكل أساسي على الزراعة والأمن السيبراني.
كما تسعى الهند إلى التنسيق مع مصر في قطاع الطاقة، ولا سيما الهيدروجين الأخضر. وتم تداول معلومات عن أن شركة رينيو للطاقة الهندية تستكشف فرص الهيدروجين الأخضر في مصر، من خلال إنشاء مصنع إنتاج بقيمة 8 مليارات دولار بالقرب من قناة السويس والذي سينتج 20 ألف طن من الهيدروجين الأخضر في المرحلة الأولى،
بهدف الوصول إلى 200 ألف طن سنويًا في مرحلته الثانية. أما في قطاع الدفاع، فقد عرضت الهند إنشاء مرافق إنتاج لتصنيع طائرات تيجاس القتالية الخفيفة (LCA) وكذلك طائرات الهليكوبتر في مصر بهدف تحويل مصر إلى مركز إنتاج إقليمي للمنتجات الدفاعية الهندية. أن مصر ملتزمة بتطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية مع كافة دول العالم، لان النجاح الكبير الذي حققته مصر في تنظيم قمة المناخ كوب 27، وهو نجاح يثبت أن مصر قادرة على الوقوف مع العالم الخارجي في مواجهة التحديات العالمية سواء اقتصاديا أو سياسيا، فضلا عن العمل على بث السلام في العالم. وأشار بدرة إلى أن القطاع الاقتصادي يشهد تعاون مصر مع كافة دول العالم، خاصة في سوق الطاقة العالمية، وقضايا الشرق الأوسط والوطن العربي.
—