كتبت مني جودت
ذكر تقرير موقع “مودرن دبلوماسى” الأوروبى أن الدول الآسيوية مثلت تجارب ناجحة على مستوى التكتلات الاقتصادية، ومن هنا سعت القاهرة للانضمام إلى تكتلات عالمية ذات طابع اقتصادى، إذ يمثل ذلك ثقة في قدرة الدولة المصرية على النهوض بقطاعها الاقتصادي، والذي تمثل في الآونة الأخيرة، في الرغبة المصرية في أن تكون جزءا من مجموعة البريكس، وهو تحالف اقتصادي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين تأسس عام 2006 ، وانضمت إليه جنوب إفريقيا لاحقا في عام 2010.
وقال التقرير -الذي كتبته الدكتورة نادية حلمى أستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بنى سويف والخبيرة فى الشئون السياسية الصينية ونشر على الموقع الإلكتروني الأوروبي اليوم الاثنين- إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للهند هي زيارة استراتيجية وطنية في المقام الأول لتسهيل انخراط مصر وانضمامها إلى مجموعة البريكس الاقتصادية الدولية بمساعدة الصين والهند. إذ تسعى الصين والهند ومصر من خلال هذه العلاقات للدخول في تجمع البريكس العملاق، الأمر الذي يساهم في تعزيز التعاون المصري مع دول مجموعة الآسيان ونطاقها الجغرافي والإقليمي وذلك عبر العديد من المحاور والسبل لتطوير التعاون مع مصر وتلك الدول في مختلف المجالات لا سيما الاقتصادية والاستثمارية والتنموية في ظل التجارب التنمية المتميزة التي خاضتها الهند والصين وتلك الدول في تحقيق التنمية الشاملة، فضلا عن تقدمها في الصناعات الصغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، كذلك بسبب تقاربها جميعا مقارنة برؤية واشنطن والغرب تجاه عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها قضية الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وجهود مكافحة الإرهاب.
وتناول التقرير زيارة الرئيس السيسي للهند، والتي وصفت بانها لم تكن أولى زيارته للهند ، حيث سبق له أن زار الهند عام 2016 في إطار جولة آسيوية التقى خلالها نظيره الهندي الرئيس أنذاك برناب موخيرجي ورئيس الوزراء ناريندرا مودي وكبار المسؤولين في نيودلهي.
وأشار التقرير إلى أن زيارة الرئيس المصري للهند أكدت أنه يمتلك خبرة سياسية واقتصادية كبيرة يستطيع من خلالها فتح المزيد من المجالات الاستثمارية والاقتصادية لمصر، متطلعا خلال زيارته إلى الاستفادة من النهضة الاقتصادية لدولة الهند الذي حققت معدلات نمو سريعة.
وبمقدور مصر هنا أن تستفيد من هذه التجربة الهندية متسارعة الوتيرة، والتي سيكون لها آثار إيجابية على مصر في عدة مجالات، مثل: زيادة الصادرات ورفع معدلات الإنتاج وفتح مجالات الاستثمار ودفع التجارة والاقتصاد المصري إلى الأمام، لا سيما وأن الهند من أفضل الدول في العالم من حيث التطبيق. فقد حققت الديمقراطية تطورا اقتصاديا في السنوات الأخيرة وتغلغلت بشكل فعال في مجال التكنولوجيا، إذ يحتل المنتج الهندي مكانة عالمية قوية بجودة عالية، على الرغم من تجاوز عدد سكانها المليار و 200 مليون نسمة ، إلا أنها استطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي بعد ثورتها الزراعية الهائلة.
وأضاف التقرير أن مصر والهند تتمتعان بعلاقات سياسية مميزة، بالإضافة إلى العلاقات التجارية والاقتصادية التي شهدت نموا ملحوظا خلال السنوات الماضية ، على الرغم من بطء نمو الاقتصاد العالمي.
واستطرد قائلا إن زيارة الرئيس السيسي للهند هي إنجاز سياسي واقتصادي مهم يؤكد وجود مصر كركيزة من ركائز الاستقرار والتنمية في المنطقة. وربما يسهل بالنسبة للقاهرة -التي تقدم برنامجها الاقتصادي لتعزيز انخراطها في مجموعة البريكس الاقتصادية العملاقة بمساعدة الصين والهند في المقام الأول- عملية جذب الاستثمارات الأجنبية ويعزز التقدم الاقتصادي ويحسن من ظروف معيشة الشعب المصري .
وهنا تجدر الإشارة -بحسب التقرير- إلى أهمية زيارة الرئيس السيسي للهند في دفع عجلة السياحة الهندية وزيادة عدد السياح الهنود القادمين إلى مصر. لتشهد نموا اقتصاديا سريعا. كما يزخر السوق الهندي بالعديد من الفرص لنمو الصادرات المصرية، خاصة في قطاعات الكيماويات والبلاستيك والأسمدة والفواكه والمحاصيل الزراعية وغيرها.
وتسعى مصر إلى تفعيل الاتفاقات بين الحكومتين المصرية والهندية لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 8 مليارات دولار، علما بأن الاستثمارات الهندية في مصر تقدر بنحو 10 مليارات دولار.
وفي هذا السياق نجد أن مصر والهند أبرمتا ست اتفاقيات تعاون تجاري ،كما أن هناك زخما في العلاقات بين الجانبين ورغبة مشتركة من خلال زيارة الرئيس السيسي للهند لتطويرها إلى مستوى أعلى ، في ظل وجود تعاون سياسي مكثف بين البلدين ، وتفاعل مستمر على مستوى على المستوى القيادي والوزاري. ويهتم الجانبان الهندي والمصري بتعزيز علاقاتهما فيما يتعلق بقضايا محاربة الإرهاب وتعزيز الشراكة الاقتصادية والقضايا الإقليمية المشتركة بينهما. من خلال علاقة الهند بإفريقيا عبر الجانب المصري.
واختتم التقرير قائلا إن ما يمكن استنتاجه هنا من التحركات المصرية على مستوى السياسة الخارجية أن القاهرة تتجنب تحديد علاقاتها وشراكاتها على المستويات السياسية والاقتصادية ، الأمر الذي يعكس الحكمة في اتخاذ القرار ويدفع القاهرة للدخول في شراكات و التكتلات الاقتصادية الدولية مثل البريكس وغيرها، وهو ما يحول مصر اقتصاديا بوتيرة سريعة إلى آفاق أرحب، بهدف جعل مصر دولة مهمة في جميع المعادلات الإقليمية والدولية على أساس الوقوف على نفس المسافة من الجميع، والانتقال إلى وفق مقتضيات المصلحة الوطنية والقانون الدولي.