كتب محمد خالد
كنت متابعاً لقمة الكويت الاقتصادية من خلال عملي وقتها كمحرر صحفي بجريدة الوسط الكويتية وشاهدت الزخم والاهتمام الكبير لإنجاح هذه القمة منذ دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بعقد قمة اقتصادية عربية سنوية رغم صعوبة إنجاحها في ظل تحديات جسام حيث كان هناك خلافات كبيرة بين دول عربية ورحى حرب بين دولتين عربيتين واغتيال الحريري وفجوة في التعاون العربي وزيادة حدة التوتر واختلاف الرؤية العربية في ظل الغطرسة الإسرائيلية مع تداعيات الأزمة المالية والخسائر الجمة التي شهدها كثير من اقتصاديات الدول العربية
لتأتي حكمة القيادة الكويتية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كحل سحري لتحول الانقسام العربي إلى صف واحد كالبنيان المرسوس وتجمع العرب إلى كلمة سواء في قمة الكويت الاقتصادية لتحقق نجاحات ونتائج غير مسبوقة
كل الأجواء أصبحت مهيئة لإنجاح قمة الكويت الاقتصادية بداية بالخبرات التي تدير القمة فكان وقتها الدكتور عمرو موسى آمين عام الجامعة العربية ورأينا صولاته وجولاته في تهيئة مناخ جيد قام بدراسة قضايا التنمية والاصلاح فى العالم العربي وتقديم رؤية الجامعة العربية
أما السفيرة ميرفت التلاوي المنسقة العامة للقمة الاقتصادية والتنموية فقد وضعت يدها على الجرح وهو عدم وجود إطار فكري محدد للخطوات العربية لتحقيق التكامل الاقتصادي فالأمر يقتصي تبني فكر التكامل الاقتصادي في إطار تنفيذ سياسات دعم وتقوية الإصلاحات الاقتصادية والمالية منها استخدام الأدوات النقدية والمالية بمرونة تتناسب مع تطورات الأهداف وتمكين المنشآت الخاصة من الدخول في المنافسة فانقعاد القمة الاقتصادية في الكويت فرصة نادرة لبلورة واعتماد رؤية فكرية واضحة كأساس للعمل العربي المشترك اولا لتحقيق معدلات مرتفعة وسد الفجوات الملحة في أنشطة التعاون مع زيادة فاعلية السياسات الاقتصادية وتغيير مساراتها في إطار التنسيق الاقتصادي العربي
ثانياً كان قيادات الاستثمار العربي ملئ برجال أعمال على أعلى مستوى وتقدم المستثمرين العرب بورقة عمل حصلت وقتها على نسخة منها من الراحل المهندس حسين صبور ونشرتها في جريدة الوسط الكويتية ومن أهم ما تناولته هذه الورقة هي الحفاظ على مصادر الطاقة واستكمال مشروعات الربط الكهربائي العربي وعمل استراتيجية لمواجهة العجز المائي وتحقيق الأمن الغذائي والارتقاء بمستوى معيشة المواطن العربي والتوسع في مشروعات الرعاية الصحية والتركيز على سياسة التنمية السياحية
أما المهندس حمدي الطباع رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب فصرح لي وقتها بأن القمة الاقتصادية تشكل منعطفاً مهماً لتدعيم التكامل الاقتصادي العربي وفرصة تاريخية لمواجهة العقبات التي مازالت تعترض العمل الاقتصادي العربي المشترك وعلى القادة العرب اتخاذ قرارات جريئة تحقق التنمية وتنهض بمستوى معيشة المواطن وتساهم في التكامل الاقتصادي العربي
كما أن اقتصاديون أكدوا لي وقتها أنه لا أمل في النهوض إلا في ظل التبادل والتكامل الاقتصادي ونجاح قمة الكويت الاقتصادية يتطلب تنسيق المواقف وتنفيذ التوصيات
أما السفير جمال بيومي آمين عام اتحاد المستثمرين العرب فقال وقتها إن الوقت قد حان ليتجاوز العمل الاقتصادى العربى قضيته التجارية العربية، وأن يركز على تجارة الخدمات خاصة بعدما بلغ العمل حول تطوير العلاقات لما وراء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى مراحل متقدمة، خاصة فى اتجاه الاتحاد الجمركى وتحرير الخدمات وتوحيد المواصفات وقواعد المنافسة وقواعد المنشأ مطالباً أن يتركز جدول أعمال القمة الاقتصادية فى تدعيم الدعم السياسى للعمل الاقتصادى العربى ومناقشة المشكلات التى تعيق التقدم فى المسار الاقتصادى
الإمارات تدعو إلى إقامة قمة اقتصادية ، مصر والكويت تتقدما بمبادرة لإقامة القمة الاقتصادية ، الرياض تعلن إقامة القمة وتوحيد الجبهة العربية ، الكويت تستضيف القمة الاقتصادية ونتائج غير مسبوقة في مسيرة التعاون الاقتصادي العربي ، هذا هو التكامل العربي الذي ننشدة كلنا يد وقلب واحد يدفع إلى الوحدة العربية المنشودة
من أهم نتائج قمة الكويت الاقتصادية أن أعلن الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إطلاق مبادرة تنموية تهدف إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل ودعم المشاريع العربية الصغيرة والمتوسطة عبر صندوق رأسماله نحو ملياري دولار تبرعت الكويت وحدها بـ 25% من رأسماله بداية (500 مليون دولار) على أن توكل إدارة هذه المبادرة التنموية إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي كما أطلق الملك عبدالله بن عبدالعزيز حملة إعمار غزة ونجدة أهلها. ووعدت الكويت فورا بمد يد العون المطلوب كلتا المبادرتين تسعى إلى تحقيق الكرامة والعيشة الكريمة للمواطن العربي
ودعت قمة الكويت الاقتصادية إلى برنامج عمل ينفذ بين 2009 و2015 بالتركيز على الدول العربية الأقل نموا للحد من الفقر فيها كما دعت القمة لتعزيز دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات التمويل للاستثمار العقاري في توفير السكن الاجتماعي منخفض التكاليف، فضلا عن تحقيق التوسع في مشروعات الرعاية الصحية الأساسية, وتفعيل دور المؤسسات الصحية العربية المشتركة لرفع مستوى الخدمات وتقديمها بصورة ملائمة للمواطن العربي, ومكافحة الأمراض المتعلقة بسوء التغذية ونقص المياه النظيفة, وغيرها من الظروف الاجتماعية غير اللائقة بحياة كريمة
أما المشهد اليوم قبيل عقد قمة موريتانيا الاقتصادية يشهد أزمات شديدة التوتر فانقسامات حادة في البيت العربي وخلافات على أشدها وحروب دائرة بين أبناء الدولة الواحدة فازمة السودان بين الجيش و قوات الدعم السريع وانقسام على اشدة في ليبيا وفي سوريا واليمن فحال الأمة أصبح يرثى له أضف إلى ذلك زيادة توغل الكيان الصهيوني بصورة أبشع إلى جانب ما يحاك حول مياه النيل واقامة سد النهضة وزيادة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على دولنا العربية وزيادة أزمة العملة بكثير من دولنا العربية وتأثير كل ذلك على حال المواطن العربي
هذا المشهد المظلم يحتاج إلى حكماء الأمة لإخراج قمة موريتانيا الاقتصادية بصورة أكثر تفاؤل على مصير تكاملنا الاقتصادي العربي خاصة وأن معدن العرب يظهر وقت الازمات فهل تنجح القمة الاقتصادية العربية في موريتانيا بصورة تحاكي قمة الكويت الاقتصادية الأولى هذا ما ستكشفه الايام القليلة القادمة