كتب د/ عادل عامر
يعرف اللاجئ بحسب الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 و المعدلة بموجب البرتوكول الخاص بوضع اللاجئين لعام 1966 و الذي دخل حيز النفاذ في عام 1971.بأن اللاجئ كل شخص يوجد نتيجة إحداث وقعت وسببت له خوف من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو جنسيته أو انتمائه لفئة اجتماعية معينة أو أرائه السياسية ,خارج بلد جنسيته,ولا يستطيع تدارك ذلك الخوف او تلافيه,أن يستظل بحماية ذلك البلد”,
أو كل شخص لا يملك جنسيه ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق نتيجة تلك الإحداث ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يعود إلى ذلك البلد
ويتوقف منح هذا الشخص صفة اللاجئ إذا استأنف باختياره الاستظلال ببلد جنسيته,أو إذا استعاد باختياره جنسيته بعد فقده لها أو إذا اكتسب جنسية جديدة ,وأصبح يتمتع بحماية هذه الجنسية الجديدة أو إذا عاد باختياره إلى البلد الذي غادره أو الذي ظل مقيماً خارجه خوفاً من الاضطهاد ,أو إذا أصبح بسبب زوال الأسباب التي أدت إلى الاعتراف له بصفة اللاجئ غير قادر على مواصلة رفض الاستظلال بحماية بلد جنسيته .ولا تنطبق أحكام اللاجئ على أي شخص تتوفر أسباب جدية للاعتقاد بأنه ارتكب جريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية,بالمعنى المستخدم للجرائم في الصكوك الدولية.أو ارتكب جريمة جسيمة غير سياسية خارج بلد اللجوء قبل قبوله بهذا البلد بصفة لاجئ أو ارتكب أفعالا مضادة لأهداف الأمم المتحدة و مبادئها.
ويتوجب على كل لاجئ وفقا للقواعد الدولية الواردة في اتفاقية اللاجئين لعام 1951 إزاء البلد الذي يوجد فيه واجبات تفرض عليه خصوصاً ,خضوعه لقوانينه و أنظمته وان يتقيد في التدابير المتخذة فيه للمحافظة على النظام العام. اذ نصت على ذلك المادة (2) من الاتفاقية المتقدمة ،وعلى الدول أن تمنح اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها أفضل معاملة تمنح ,وفي نفس الظروف,لمواطني بلد أجنبي فيما يتعلق بحق ممارسة عمل مأجور
وان لا تكون اقل من الرعاية الممنوحة للرعايا الأجانب بشكل عام ,فيما يتعلق بممارسة عملاً لحسابهم الخاص في الزراعة والصناعة والحرف اليدوية و التجارة ,كذلك في إنشاء شركات تجارية و صناعية وممارسة المهن الحرة(19).إما بالنسبة إلى اللاجئين الموجدين بصورة غير مشروعه في بلد الملجأ فتمتنع الدول عن فرض العقوبات الجزائية بسبب دخولهم أو وجودهم غير القانون.
ويتوجب على اللاجئين الذين يدخلون إقليم دولة ما أو يوجدون فيه دون إذن ,قادمين مباشرة من إقليم كانت حياتهم وحريتهم مهددة,إن يقدموا أنفسهم إلى السلطات المختصة دون إبطاء وان يبرهنوا على وجاهة أسباب دخولهم أو وجودهم غير القانوني.
كما تمتنع الدول عن فرض غير الضروري من القيود على تنقلات هولاء اللاجئين ولا تطبق هذه القيود إلا ريثما يسوى وضعهم في بلد الملاذ أو ريثما يقبلون في بلد آخر وعلى الدول أن تمنح اللاجئين المذكورين مهله معقولة و كذلك كل التسهيلات الضرورية ليحصلوا على قبول بلد آخر بدخولهم إليه
. ولا يجوز للدول أن تطرد لاجئاً موجوداً في إقليمها بصورة نظامية إلا لأسباب تتعلق بالأمن الوطني أو النظام العام كما لا ينفذ إبعاد مثل هذا اللاجئ إلا تطبيقاً لقرار متخذ وفقاً للأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون.
ويجب أن يسمح للاجئ مالم تتطلب خلاف ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني بان يقدم بيانات لإثبات براءته وان يمارس حق الاستئناف ويكون له وكيل يمثله لهذا الغرض.
أمام سلطة مختصة .أو أمام شخص أو أكثر معينين خصيصاً من قبل السلطة المختصة وتمنح الدولة مثل هذا اللاجئ مهلة معقولة ليلتمس خلاله قبوله بصورة قانونية في بلد آخر وتحتفظ الدولة بحقها في أن تطبق خلال هذه المهلة ماتراه ضرورياً من التدابير الداخلية
. ويحظر على الدولة المضيفة للاجئ أن تبعد لاجئاً أو ترده بأي صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينه أو بسبب آرائه السياسية,إلا انه لا يسمح بالاحتجاج بهذا الحق لأي لاجئ تتوفر دواع معقولة لاعتباره خطراً على امن البلد الذي يوجد فيه أو لاعتباره يمثل نظراً لسبق صدور حكم نهائي عليه لارتكابه جريمة استثنائية الخطورة على ذلك البلد
وفي كل ما تقدم تراعي الدول ما التزمت به من مواثيق عند تعاملها مع ألاجئي عبر تشريعاتها الوطنية .
آثار أبعاد ألاجئين
الأجنبي هو من يتعرض لقرار الإبعاد إلا إن هناك فئات معينة من الأجانب لها وضعها الخاص عند إبعادهم فأسباب الإبعاد وإجراءات التنفيذ و للآثار يمكن أن تكون مختلفة عن إبعاد الأجنبي العادي.وفي مقدمة هولاء الأشخاص اللاجئين ويتمثل جوهر الحماية لهؤلاء اللاجئين في اعتماد مبدأ (عدم إبعاد اللاجئين) وذلك لما لإبعاد اللاجئين من تأثير ضار للدول بشكل عام و للاجئين بشكل خاص وخاصة ممارسة الإبعاد ضد هذه الفئة يؤدي إلى خرق مبادئ القانون الدولي الإنساني وتقويض نظام اللجوء بصفه دائمة رغم ما لهذا النظام من أهمية جوهرية في حماية ملايين الفارين من الاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان في شتى إنحاء العالم.
مشروعية آلية الإبعاد
إذا ما نظرنا إلى الأثر الرئيس الذي يترتب على ممارسة الدولـة لحـــــــقها فــــــــي الإبعاد,وهو إخراج الأجنبي( اللاجئ) كرهاً من إقليم الدولة فيثار التساؤل حول مدى مشروعية هذا الإجراء؟وفي هذا الإطار نجد إن هناك اتجاهان في الفقه, الأول: يرى بأن الإبعاد انتهاكاً لحقوق الإنسان التي يجب إن لا تمس و بالأخص حقه في التنقل و الإقامة وان الدولة لا تملك الحق في منع الأجانب في الدخول إلى إقليمها (8) ،لان سيادتها الإقليمية ليست مطلقة لان هذا الحق يرجع إلى بداية العالم عندما كان كل شئ مشتركاً و كان كل إنسان حر في أن يسافر وينتقل إلى أي بلد يشاء,وهذه الحرية لم تسلب نتيجة تقسيم العالم إلى دول ومن ثم تحقق حركة الأفراد عبر الحدود الدولية الفاصل بينها ، ومن الفقهاء الذين نادوا بهذا الحق الفقيه “فيترويا” وهم يستندون في ذلك إلى أيمانهم بالحقوق الأساسية المستوحاة من القانون الطبيعي أما الاتجاه الثاني: ويذهب هذا الرأي إلى مشروعية حق الدولة في الإبعاد لم تعد مثار جدل أو نقاش نظراً لازدياد العلاقات الدولية الخاصة للإفراد واتساع مساحة الأجانب على أراضي الدول وهذا ما يدفعها إلى ممارسة واجبها في حماية مجتمعها أرضا وشعباً من عبث الأجانب الذين يهددون أمنها الوطني وسلامتها, ما يتصف به الأجنبي من خطورة تتمثل بعلاج الإبعاد,و الذي من خلاله تتخلص الدولة من الخطورة التي يأتي بها الأجنبي وأول من نادي بهذا الاتجاه الفقهاء” فوتيل ” و”اوبنهايم” (9).
ويبدو من خلال ما تقدم إن الإبعاد في الوقت الحاضر,إجراء فعال رادع تزداد فعاليته و الحاجة إليه يوماً بعد يوم خاصة للازدياد المطرد لظاهرة الإرهاب التي ازدادت في مطلع القرن الحالي خاصة بعد قيام اعتداءات على الولايات المتحدة الأمريكية في 11 أيلول 2001 ، ألا أن ممارسة الأبعاد كحق للدولة يقتضي أن يجري وفقاً لقواعد القانون الدولي العام، فالقواعد الأخيرة تضفي الشرعية الدولية على آلية الأبعاد ,وان يكون صادر بحسن نية وباعث سليم لا لسبب شخصي أو لغرض الانتقام من بعض فئات الأجانب متى ما قامت أسباب جدية في حق الأجنبي تبرر هذا الإجراء وفي حدود ما تعارفت علية الدول,وان لا يستعمل الإبعاد بصورة قرار تحكمي لا تتوافر فيه الضمانات الكافية للأجانب لاتقاء حالات إبعاد غير متوقعة مما يخل بمشروعية هذا الإجراء
إلا إن هذا الحق مقيد بحق الدولة في البقاء رغم اتساع هذا الحق, ومعنى ذلك ليس للدولة إن تمارس حقها في إبعاد الأجنبي ( أللاجئ )طالما إنه لا يعكر صفو الأمن و النظام العام فيها,وإنما في حالة كون وجوده يدق ناقوس الخطر في الدولة, فذلك لا يرتب عليه إثارة المسؤولية الدولية للدولة إذا ما اتخذت إجراء إبعاد الأجنبي لان ذلك يفيد بوجود تنظيم فعال لحماية امن المجتمع وسلامته لمواجهة مثل هولاء الأجانب فهو إجراء ضروري حيوي وملح في كل دولة فإذا لم تستطع الدول عمل مثل هذا التنظيم فأن إقليمها يصبح مرتعاً خصباً لا يقاوم من جانب المجرمين وضعاف النفوس من الأجانب من شتى إنحاء العالم الأمر الذي لا تعلق بالحفاظ على النظام العام في الدولة وإنما يتعداه إلى الحفاظ على الوحدة السياسية للدولة واستقلالها الوطني فالدولة ذات السيادة لن تقبل إن يكون الأجنبي المقيم على أرضها طرفاً في جاسوسية وان ينغمس في اضطرابات سياسية أو أن يشعل نار الفتنة بين رعاياها مما يهدد أمنها ويؤدي إلى الانهيار
. كما قد تثار مسؤولية الدولة في حال إبعادها لأجانب أو مجموعة من الأجانب دون سبب مشروع كما إن الدول التي تأخذ بنظام الرقابة القضائية على قرارات الإبعاد, ومن المواثيق و العهود التي نصت في بنودها على إمكانية اللجوء إلى هذا الإجراء وبالتالي مشروعية هذا الإجراء,المادة (4) من العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية لعام 1966 التي نصت” 1-في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة و المعلن قيامها رسمياً يجوز للدول الإطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد”(
كذلك الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 التي نصت في المادة الخامسة الفقرة (1/4) التي عددت الحالات التي يجوز للدولة حرمان الإنسان من حريته “القبض على شخص و احتجازه لمنع دخوله الغير المشروع إلى ارض دولة أو لتنفيذ إجراءات الإبعاد أو التسليم “
و الاتفاقية الأمريكية الخاصة بحقوق الإنسان لعام1966 في المادة (22) منها التي أجازت تقييد حقوق الأجنبي إلى الحد الذي يسمح به المجتمع الديمقراطي بهدف منع الجريمة وحماية امن البلاد و النظام العام والصحة العامة و الأخلاق العامة وحريات الآخرين .و إلى نفس المعنى ذهب الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 1994 في المادة (4/1)
.ومن خلال استقراءنا لهذه المعاهدات و المواثيق نجد إن جميعها أعطت الحق للدول في إبعاد الأجانب ومنهم أللاجئين عن أراضيها ،إلا أنها أجمعت على أن يكون وفق القانون وبدون تعسف في استخدام السلطة أي ضرورة تدويل مشروعية آلية الأبعاد .ومن الجدير بالذكر إلى إن إبعاد الأجانب حق للدولة و إن لم يقره تشريع وان الانتقادات التي توجه إلى الإبعاد لا تتعلق بحق الدولة في الإبعاد وإنما فقط إلى أسلوب تطبيقه وما يفتقر إليه من ضمانات ، أي الأبعاد بحد ذاته مشروع لأنه يدخل ضمن ممارسة الدولة لسيادتها وهو من صميم سلطانها الداخلي ألان الذي يؤخذ عليه هو آلية ممارسة الأبعاد فتقتضي مشروعيته أن يمارس تحت مبادئ ومعايير لها صبغة عالمية يقرها المجتمع الدولي ويقتضي أن لا تتقاطع معها القوانين الوطنية للدول .