التجمعات الاقتصادية وأهميتها للاقتصاد المصري

كتب /د. عادل عامر

بدأت مصر في تطبيق مفهوم المناطق الاقتصادية في أوائل القرن الحادي والعشرين لتحفيز النمو وجذب الاستثمار، وكانت أولى هذه المناطق هي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي أنشئت عام 1975، وتبعتها مناطق أخرى مثل منطقة شرم الشيخ الاقتصادية ومنطقة العين السخنة الاقتصادية، وتختلف هذه المناطق كل منها عن الأخر في مواقعها الجغرافية وقطاعاتها المستهدفة.

تعد المناطق الاقتصادية من أبرز الإجراءات التنموية التي اتخذتها مصر لتعزيز الاستثمار وتحفيز الاقتصاد. وبشكل عام، تجمع هذه المناطق بين الحوافز التنظيمية والضريبية وبيئة صديقة للاستثمار تشجع على تنمية قطاعات محددة.

تكمن أهمية المناطق الاقتصادية في قدرتها على توفير بيئة استثمارية محفزة، حيث توفر حوافز ضريبية كبيرة وتسهيلات إدارية تجذب الشركات والمستثمرين، وتشجع هذه المناطق التنويع الاقتصادي وتطوير قطاعات جديدة من خلال التركيز على الموارد الطبيعية

وتشجيع البحث والتطوير. تتاح للشركات والمستثمرين داخل المناطق الاقتصادية الفرصة للمشاركة في مجموعة متنوعة من الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك الصناعة والتصنيع والسياحة والخدمات المالية والبحث والتطوير. قامت الحكومة المصرية بسن إجراءات تنظيمية وقوانين محددة لإنشاء وإدارة المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وتوفر هذه القوانين الإطار القانوني الذي يحدد الإجراءات والحوافز المتعلقة بالاستثمار والضرائب والتسهيلات المقدمة للمستثمرين.

طورت مصر نظامًا ضريبيًا مناسبًا داخل المناطق الاقتصادية من خلال القانون رقم 83 لعام 2002. ومع ذلك، في عام 2015، تم استبدال الحوافز الضريبية الأساسية بحوافز غير ضريبية وفقًا للقانون رقم 27 لعام 2015، وقد حافظ القانون الجديد على بعض الحوافز الضريبية المتعلقة بضريبة القيمة المضافة والجمارك؛ ومع ذلك،

 فقد استبدلت أيضًا الحوافز الضريبية للشركات التي تم تقديمها في القانون رقم 83 بحوافز غير ضريبية أو حوافز غير مباشرة، ونرد أدناه ملخص لمعدلات الضرائب والحوافز: تمثل المناطق الاقتصادية في مصر خطوة جادة نحو تعزيز الاستثمار وتنشيط الاقتصاد، ومع ذلك، هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الحوافز الضريبية للشركات لهذه المناطق، وجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين مع تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والإيرادات الضريبية،

 وتحقيق هذه الحوافز الجادة يتطلب المواءمة بين القوانين والتنفيذ لضمان تحقيق الأهداف المرجوة واستدامتها، بخلاف ذلك، قد يجد المستثمرون فرصًا استثمارية أكثر إغراءً في المواقع القريبة، والى الآن لم يفت الأوان بعد لاعتبار الضرائب أداة اقتصادية فعالة لجذب الاستثمار وليس مجرد وسيلة لجمع الأموال دون تفكير اقتصادي شامل. ويجب على مصر أن تضع نفسها على قائمة أولويات المستثمر من خلال حوافز ضريبية مدروسة لهذه المناطق الاقتصادية الخاصة، ونحن نثق في إعادة النظر بشكل مناسب في اللوائح والحوافز الضريبية الجذابة المعقولة للشركات؛ ويمكن لهذه المناطق الاقتصادية أن تخلق بيئة استثمارية تنافسية تليق بمكانة مصر الصحيحة، وفي الواقع، يمكن لهذه المناطق أن تصبح أدوات اقتصادية مثالية تحقق التوازن بين حوافز المستثمرين وعوائد الضرائب التنافسية للحكومة. إن توسع التجارة الإقليمية يتيح للبلدان الإفريقية خطوة نحو بناء القدرات الإنتاجية والقدرة التنافسية. ولا شك أن إزالة الحواجز التجارية له أهمية كبيرة، غير أن ذلك لن يكفي لإحداث الأثر المرغوب إن لم تكمله تدابير وسياسات ﺗﻬدف إلى تعزيز القدرات الإنتاجية

تهدف هذه الورقة إلى تحليل أداء التكتلات الإفريقية وعرض مؤشر التكامل الإفريقي والتعرف على منطقة التجارة الحرة والمكتسبات التي تحققها للدول الإفريقية ومنها مصر، وفرص الصادرات المصرية المحتملة للأقاليم الإفريقية المختلفة، كما تحدد الورقة السياسات التي يمكن من خلالها دعم العلاقات المصرية ـــ الإفريقية.

إن تحقيق النمو الاقتصادي الشامل هو التحدي المحوري أمام الاقتصاد المصري. فعلى الرغم مما حققته مصر من تقدم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي خلال الفترة الماضية، فلا تزال مصر تعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وضعف برامج الحماية الاجتماعية. وهو ما يتطلب سياسة اقتصادية ملائمة للتغلب على هذه التحديات وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل.

وقد توصلت هذه الدراسة إلى أن السياسة الاقتصادية القادرة على تنمية القدرات الإنتاجية ودعم التحول الهيكلي، وخلق فرص العمل اللائقة، وتعزيز الحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعي، وتطبيق المعايير الدولية للعمل وحقوق العمال، وتحسين بيئة الأعمال والمنافسة، وتعزيز الشفافية والمساءلة، ورفع كفاءة الحكومة، من أجل تعزيز النمو الاقتصادي الشامل الذي يقوده القطاع الخاص، تقوم أساساً على عوامل عديدة منها:

دعم ديناميكية الأعمال والأسواق الشاملة: وذلک من خلال؛ تحفيز دور القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديدة. وتشجيع الاندماج في سلاسل القيمة العالمية لتحسين القدرة التنافسية للصادرات المصرية. تحسين قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التصدير. وتشجيع الابتكار واسع النطاق والنشر السريع والعميق للتكنولوجيا. وتعزيز الحوار المجتمعي، وأخيراً الاستثمار في المعرفة والتعلم مدى الحياة واكتساب المهارات.

تعد مشارکة مصر في سلاسل القيمة العالمية، منخفضة أيضًا مقارنة بمثيلاتها من الدول الأخرى، حيث تترکز الصادرات المصرية بشکل أساسي حول المواد والمنتجات الأولية والمنتجات الأقل تطورًا. وهو ما يعوق الانتقال إلى أنشطة التصنيع ذات القيمة المضافة الأعلى في مصر. فعلى سبيل المثال؛ نجد أنه خلال الفترة 2009-2018، کانت أکثر من نصف صادرات السلع المصرية هي منتجات أولية وزراعية، ونحو ربعها من الصادرات متوسطة وعالية التکنولوجيا. وبالمقارنة، بترکيا وماليزيا، تمثل صادرات التکنولوجيا المتوسطة والعالية 42 % و58 % على التوالي

.  بالإضافة إلى کلا من ارتفاع تکلفة مدخلات الانتاج وانخفاض جودتها، وضعف الخدمات اللوجستية الفعالة في مصر. ولذلک نجد، أنه على الرغم من تنامى السوق المحلي في مصر وقربها من الأسواق الدولية، إلا أن مصر لم تجذب بعد تدفقات قوية من الاستثمار الأجنبي المباشر للاستفادة من سوقها المحلي الکبير أو لربط مصر في التجارة الدولية القائمة على سلاسل القيمة العالمية التي لها تأثير فعال في الحد من الفقر وخلق فرص عمل منتجة وزيادة تنافسية الاقتصاد

وتشير التقديرات إلى أن زيادة المشارکة في سلاسل القيمة العالمية بنسبة 1 %، سيزيد نصيب الفرد من الدخل بنحو 1% (.کما ترتبط التجارة القائمة على سلاسل القيمة العالمية بشکل إيجابي بکلا من الإنتاجية والدخل وخلق الوظائف وتتأثر القدرة على الانتقال إلى أنشطة التصنيع ذات القيمة المضافة الأعلى في مصر، بتکلفة الخدمات الحيوية وتوافرها وجودتها. وعلى سبيل المثال، يعيق الافتقار إلى وسائل النقل والخدمات اللوجستية السريعة والموثوقة، اندماج الشرکات في سلاسل القيمة العالمية في صناعات مثل الملابس والإلکترونيات. والافتقار إلى خدمات سلسلة التبريد ([42])cold chain  يعيق قدرة مصر على الاندماج في سلاسل القيمة العالمية للأعمال الزراعية بنجاح، کما أن الافتقار إلى خدمات سفن التحميل وتفريغ البضائع (roll-on, roll-off) يحد من صادرات المنتجات الزراعية والسيارات إلى الدول الأوروبية والمتوسطية

ويعتبر التصدير وسيلة رئيسية لتعزيز الإنتاجية والنمو. والتعلم عن طريق التصدير هو نموذج للتنمية تحدد من خلاله الشرکات الفرص الدولية المتاحة للتصدير. وتدفع الشرکات باستمرار لتحسين إنتاجيتها وتطوير التکنولوجيا. وهو ما کان له دور فعال في معجزة دول شرق آسيا وفي العديد من الدول الأخرى التي تمر بمرحلة انتقالية

.فمصر لديها فرصة کبيرة لزيادة صادراتها والاستفادة من موقعها الجغرافي المتميز ومن ثم تعزيز قدرتها التنافسية الخارجية. فقد بلغت صادرات مصر من السلع والخدمات 19 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، مقارنة بنحو 40%، في المغرب وتونس، 30 % في ترکيا، وأکثر من 66 % في تايلاند، وحوالي 100 % في فيتنام. وهو ما يشير إلى أن حصة الشرکات المصرية التصديرية منخفضة للغاية. وتشمل الإجراءات الرئيسية لإصلاح سياسة التجارة ودعم الصادرات المصرية ما يلي: إصلاح السياسات التجارية؛ وذلک من خلال تبسيط إجراءات التعريفة الجمركية وتحديث نظام الجمارک وتحسين وسائل النقل إذ سيبقى نمو القطاع الخاص مقيدًا ما لم تتمکن مصر من الاستفادة من موقعها الجغرافي المتميز وتعزيز قدرتها صادراتها التنافسية تبسيط الإجراءات غير الجمرکية وتعزيز الشفافية، من خلال إنشاء دليل يشمل کل اللوائح التي تنظم الواردات والصادرات ونشره على شبکة الإنترنت

تحديث نظام الجمارك من خلال: (أ) سن قانون جمركي جديد ولوائح تنفيذية تتماشى مع اتفاقية کيوتو المعدلة واتفاقية تيسير التجارة لمنظمة التجارة العالمية. (ب) التشغيل الآلي للجمارك وتبسيط الإجراءات والتنفيذ الکامل لنظام التشغيل الآلي الإلكتروني؛ (ج) إدخال نظام للتفتيش والمعاينة قائم على تقييم المخاطر؛ (د) تطوير القدرات الفنية لموظفي مصلحة الجمارك؛ (هـ) إنشاء مرافق تفتيش / معاينة حديثة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس السيسي يؤكد دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

كتبت مني جودت أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في ...