الأهمية الاقتصادية لمشروعي الفوسفات وأبو طرطور

كتب / د. عادل عامر

تتطلع الدولة إلى تقوية اقتصادها عن طريق رفع تدفقات الاستثمار الأجنبي وجذب الاستثمارات، ويُعد المثلث الذهبي من المشروعات الأساسية التي من المتوقع أن تجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية، وهي كذلك من المناطق الواعدة في نشاط التعدين؛ لاحتوائها على كميات هائلة من الثروات المعدنية التي بإمكانها تحقيق قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد المصري. ذلك بالإضافة إلى المقومات الزراعية والسياحية بالمنطقة، مما يدعم إمكانية تنفيذ مشروعات صناعية، وإقامة مشروعات لوجيستية لخدمة هذه القطاعات، وتوفير فرص استثمارية في مجالات مختلفة. وبالتالي نستطيع القول إن مشروع المثلث الذهبي يُعد من أهم المشروعات القومية الكبرى التي تخدم منطقة جنوب مصر، ومشروع استراتيجي وسيعمل على خلق بنية تحتية حقيقية في جنوب مصر.

سعت الدولة المصرية في تنفيذ مشروعاتها القومية الجديدة إلى تحقيق أكبر استفادة ممكنة من المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، ومن هنا جاء اختيار تلك المنطقة (قنا وسفاجا والقصير)، والتي تُمثل أكثر المناطق الغنية بالثروات؛ إذ تصل نسبة الثروات التعدينية بها إلى نحو 75% من الموارد التعدينية في مصر، وهي غنية بالمعادن الفلزية وغير الفلزية، بما في ذلك: الزنك، والنحاس، والحديد، والذهب، والفضة، والجرانيت، والفوسفات، وغيرها من المعادن المهمة التي تدخل في العديد من الصناعات التي تتمتع بقيمة اقتصادية مرتفعة.

هو أحد أهم المشروعات التعدينية الكبرى بمصر بهضبة أبو طرطور بالصحراء الغربية ، يهدف لاستخراج وتركيز خام الفوسفات المكتشف بكميات ضخمة تمهيداً لتصنيع الأسمدة والكيماويات الوسيطة وتلبية الاحتياجات بالداخل والخارج ، حيث قامت العديد من الجهات بالدولة والخارج خلال العقود السابقة بإعداد الدارسات المختلفة وتحديد السياسات العامة للتنفيذ، وتم بعد ذلك تكليف الجهاز بتولي الإشراف علي تنفيذ المشروع .

تسير مصر بخطوات ثابتة منذ سنوات في إنشاء مجموعة ضخمة من المشروعات القومية، والتي تستهدف دفع عجلة الاقتصاد المصري، بما يسهم اجتماعيًا في توفير فرص عمل وتسهيل المعيشة على المواطنين. وترتكز تلك المشروعات على الاستدامة والحفاظ على البيئة وبناء بنية تحتية قوية، وبالأخص في صعيد مصر والذي غابت عنه مسيرة التنمية منذ سنوات طويلة.

 ويأتي مشروع المثلث الذهبي ضمن العديد من المشروعات التي تسعى الدولة إلى تحقيقها خلال الفترة الحالية، وهو يُعد واحدًا من أهم المشروعات القومية الكبرى؛ ومن أهم المشروعات التنموية التي تعتمد على المقومات التعدينية الموجودة بجنوب مصر. فما هو مشروع المثلث الذهبي؟ وما هي أهميته الاستراتيجية؟

وبشكل عام، يعد الهدف الرئيس للمشروع هو استغلال المواد الخام في مصر، مثل الذهب والفوسفات وزيادة عائدها على الاقتصاد، حيث تستهدف الدولة المصرية استثمارات إجمالية بقيمة حوالي 16.5 مليار دولار في غضون حوالي 30 عامًا بعد التنفيذ، وسيشمل مشروع التنمية شتى القطاعات، بما فيها الزراعة والسياحة والتجارة والصناعة وخاصة صناعة التعدين، حيث تُعد المنطقة ذات قيمة خاصة للسياحة، حيث موقعها على طول طريق الحج القديم إلى مكة المكرمة، والتي تشتمل الكثير من المواقع التاريخية.

  التعدين هو التقاط أو استخراج أي أحجار أو معادن من علي سطح الأرض أو من علي سطحها.وقد مارس الإنسان التعدين في أبسط صوره منذ بداية وجوده علي قشرة الأرض قبل أن يعرف الرعي والزراعة. وقد قسمت مراحل نهضة البشرية تبعًا لمراحل معرفته واستخداماته لنواتج التعدين . تدرجت هذه المراحل . من العصور الحجرية الثلاثة مارة بعصر النحاس إلي عصر البرونز والي عصر الحديد، حتى وصلت إلي عصر المعادن الذرية الذي نعيش فيه

   يرجع أول اهتمام بالتعدين في مصر إلي العصور التاريخية القديمة. فقد كان قدماء المصريين يهتمون به اهتمامًا عظيمًا يظهر أثره فيما فتحوه من مناجم للذهب والنحاس وبعض الأحجار الكريمة. وقد كان لما استنبطوه من المعادن بعض الفضل في المركز الممتاز الذي تبوءوه بين باقي الأمم . وقد ظهر من مسطوراتهم علي البردي وعلي جدران بعض المعابد أنهم كانوا يبعثون إلي الصحراء بعوثًا مجهزة برجال الفن المعدنيين تحرسهم فصائل من الجند لتصد عنهم عادية أهل البدو المعادين .

  واستمر هذا الاهتمام بأمور التعدين طول عصر قدماء المصريين حتى عصر الرومان. ثم تولاها كما تولى باقي مرافق الدولة خمول تام لم تفق منه إلا في عصور متقطعة إبان الحكم الإسلامي.

  فلما أن تبوأ عرش مصر ساكن الجنان محمد علي باشا منشئ الأسرة العلوية الكريمة فقه بثاقب بصره أن المعادن هي أساس الصناعات جميعًا . فوجه عناية خاصة للبحث وندب من علماء الأوربيين من جابوا الصحاري المصرية باحثين منقبين. علي أن المنية عاجلته قبل أن تثمر جهوده الثمرة التي كان يرجوها.  ولم يضع مجهوده سدى فاتجهت الأنظار بعد ذلك إلي مسائل التعدين في مصر وما بدأ القرن الأخير حتى كانت جهود قيمة تبذل في سبيل البحث عن المعادن بالصحاري المصرية . فأعيد فتح مناجم الذهب القديمة واستمر استغلال بعضها سنين عديدة . وكشفت موارد الفوسفات والبترول والمنجنيز وبلغ استغلال بعضها شأن لا يستهان به.

يعد الفوسفات أحد المعادن المهمة في مصر بسبب استخدامه في أغراض كثيرة منها الأسمدة وبعض الصناعات الكيماوية فضلاً عن أهميته في التصدير

  وتأتي أهمية خامات الفوسفات في مصر من كونه أحد أضلع مثلث إنتاجي متكامل ضلعه الثاني صناعة الأسمدة الفوسفاتية وضله الثالث دفع الجدارة الإنتاجية للتربة الزراعية. والفوسفات هو معدن الأبانيت الذي يتكون من فلوريد وكلوريد وأيدروكسيد الكالسيوم ويوجد عادة في شكل كتلة دقيقة الحبيبات تحت الصخور الرسوبية التي ترجع إلي العصر الكريتاسي.    

   وهناك عاملان رئيسيان أثرا في استغلال الفوسفات في مصر، أولهما نوع الفوسفات وثانيهما توفر سبل المواصلات بين المناجم وبين الوادي أو بينها وبين موانئ التصدير علي البحر الأحمر.

أولاً : نوع الفوسفات

    يختلف نوع الفوسفات من مكان لأخر تبعًا لنسبة ثالث كالسيك الفوسفات وتختلف نسبة ثالث كالسيك الفوسفات في مصر من 30الي 75% ، ولما كان صناع السوبر فوسفات لا يقبلون عادة نسبة تقل عن 58% من ثالث كالسيك الفوسفات فإن المناجم التي تحتوى طبقاتها الفوسفاتية علي هذه النسبة أو أكثر منها هي الصالحة للاستغلال إذا تساوت الظروف الأخرى.

ثانيًا : تكاليف النقل

  وهي عامل مهم يتحكم في الاستغلال الاقتصادي للمعادن ، وبذلك بدأت صناعة استخراج الفوسفات في منطقة السباعية بالقرب من وادي النيل وفي منطقة سفاجا والقصير بجوار ساحل البحر الأحمر وفي جميع هذه المناطق طبقات فوسفاتية من النوع التجاري من ناحية الكمية وناحية النوع ، أما فوسفات المناطق الأخرى فالبرغم من أن بعضها جيد من ناحية النوع واقتصادي من ناحية الكمية إلا أنها في موقع يزداد معه تكاليف النقل وبالتالي تكاليف الإنتاج.  

اهتمت الحكومة المصرية في الآونة الأخير بالفوسفات وذلك لما له من أهمية كبيرة في الزراعة وتسميد الأرض الزراعة بالإضافة إلي أهميته في التصدير الخارجي ومن صور هذا الاهتمام ما يلي :

ـ  في الأول من أغسطس عام 2006 تفقد المهندس سامح فهمي وزير البترول والثروة المعدنية مشروع فوسفات أبو طرطور بمحافظة الوادي الجديد رافقه اللواء أحمد مختار محافظ الوادي الجديد والدكتور حسين حمودة رئيس هيئة الثروة المعدنية حيث تفقدوا منجم ومصنع تركيز الفوسفات . وتأتى الزيارة التفقدية في إطار المتابعة الميدانية للموقف الفني والاقتصادي للمشروع .

 تم خلال الزيارة عقد أول اجتماع لمجلس علماء الثروة المعدنية بمقر مشروع الفوسفات بالوادي الجديد الذي تم تشكيله من علماء التعدين واقتصاديات المشروعات التعدينية وترويج المشروعات من الهيئات العلمية ومراكز البحوث والخبراء من ذوى الخبرة في مجال الثروة المعدنية من أجل وضع استراتيجية واضحة المعالم للثروة المعدنية في مصر خلال 25 عاماً القادمة

ووضع آلية لإنشاء مركز معلومات متكامل للثروة المعدنية في مصر بالإضافة إلى دراسة تقديم مشروع قانون جديد للثروة المعدنية . ويأتي عقد الاجتماع بهدف تبادل الآراء والأفكار لتحقيق أفضل استغلال اقتصادي للمشروع بعد التحول إلى الإنتاج السطحي للمشروع 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رئيس الوزراء: نسعى بالشراكة مع إحدى المؤسسات العالمية أن يكون مستشفى أورام دار السلام مركزًا على أعلى مستوى

كتبت مني جودت أدلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتصريحات تليفزيونية، اليوم السبت حيث أشار ...