استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في ارتكاب جرائم الاحتيال والنصب
نشرت بواسطة:
كتب /الدكتور عادل عامر
لقد استغل هؤلاء النصابون والمحتالون حاليا تقنيات الذكاء الاصطناعي في ارتكاب مجموعة من الجرائم الإلكترونيةيقوم هؤلاء المحتالون في بعض الأحيان، بأنشطة تصيد احتيالي بأنفسهم أو يحصلون على المعلومات عبر وسطاء آخرين.
قد أدى استغلال المعلومات الكاملة لشخص ما على سبيل المثال، عن طريق إجراء عمليات شراء باستخدام معلومات الشخص الشخصية، إلى تدمير سمعته المالية (درجات الائتمان الخاصة به)وقد تغير درجة الائتمان السيئة حياتك، وتؤثر عليها:
فهي تؤثر سلباً على فرصك في الحصول على قرض ما كالقرض العقاري، أو حتى فتح حساب مصرفي جديد. تعتبر جريمة الاحتيال والنصب الإلكتروني والتي استغلت الذكاء الاصطناعي وبدأت في الظهور بكثرة هذه الآونة والانتشار السريع وارتبطت بتكنولوجيا متطورة هي تكنولوجيا الحاسبات الألية والأنترنت مما اسفر عن تميزها بمجموعة من الحقائق تختلف عن غيرها من الجرائم .
ولم تقتصر أثار التحول الرقمي وإرهاصاته الأولية على دفع التشريع الجنائي للتعديل نصوصها لتتواكب معطياته ولاشك ان التحول الرقمي يساهم بشكل كبير في حل ازمه العدالة الجنائية سواء بتيسير الإجراءات الجنائية أو بالتأكيد على فاعليتها من خلال رفع قضية و تنفيذ الأحكام الجنائية والتي تؤثر بلا شك على نجاح منظومة العدالة الجنائية .
تهتم السياسة الجنائية بالإجراءات الضامنة لمنع الجريمة والوقاية منها, علاوة على تحديد المصالح ووفقا الاجتماعية الجديرة بالحماية القانونية والتي تقتضى إدخال الاعتداء عليها في دائرة التجريم والعقاب, كما تهتم بتحديد صور الجزاء الجنائي الذى يحقق أغراضه على نحو أكثر فعالية, ويشمل تحديد مفهوم السياسة الجنائية على هذا النحو الأشخاص المخاطبين بقواعدها كالقاضي والمشرع والإدارة العقابية ومؤسسات المجتمع .
حيث يهدف إلى تطوير آليات مواجهة الظاهرة الإجرامية, ويتسم علم السياسة الجنائية بطابعه المستقبلي خلال رصد وتقرير التدابير الوقائية المناسبة للحد من الجنوح إلى ارتكاب الجريمة, وكذلك من خلال تحديث التشريعات الجنائية وتنقيحها, فضال عن تطوير البيئة القضائية والتنفيذية ومساعدتها في إنجاز مهامها, في ملاحقة الجريمة وتوقيع العقاب على مرتكبيها, والمساعدة في تنفيذ الجزاءات الجنائية بما يحقق أغراض العقوبة .
فقد أدت النظم الإلكترونية وتطبيقاتها الي تطور الجريمة الإلكترونية وأدواتها الإجرامية مما تطلب ان يطور المشرع الجنائي أيضا من أدواته التشريعية لمواجهة هذه الظاهرة حتى لا يفلت من ارتكب مثل هذه الجرائم المرتبطة بالضرر المستمر للأفراد المجتمع من أثارها
يعتبر القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات التي يعمل في مواجهة الجريمة الإلكترونية بكافة أنواعها مع القانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم ١٠ لسنه ٢٠٠٣، حيث تعتبر الأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط الدعامات الإلكترونية، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات ذات قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية لهذا القانون.يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية.
فإن قصد من ذلك استخدامها في الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير.إذا وقعت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو بمركزها الاقتصادي أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها، أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي تكون العقوبة السجن المشدد.
نعيش اليوم عصراً جديداً من التقدم العلمي والتقني في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نتج عنه إحداث ثورة تنموية بشرية على جميع المستويات والأصعدة المحلية والعالمية، وأصبحت عملية تبادل المعلومات والمعارف تتم بسهولة ويسر،
كما أدي هذا الانتشار السريع للمعلومات عبر وسائل الاتصال المختلفة إلى تدفق المعلومات والأخبار والمعارف وتبادل المحادثات بحرية وسلاسة، وعلى جانب أخر فقد خلف هذا التطور التكنولوجي العديد من المخاطر والأضرار لا سيما وضعف الرقابة عليها مما أدي إلى ظهور نوع جديد من الجرائم المتطورة والتي تختلف عن سابقتها من حيث طريقة وأسلوب ارتكابها، وشكل وصفات المجرم وطباعة سميت بجرائم التقنية المعلوماتية،
وأصبحت تمثل تهديداً مباشراً وواضحاً للأمن والاستقرار المحلي والعالمي، وعائقاً يحول دون إتمام عملية التطوير والتنمية الاقتصادية والأمنية. وإزاء ذلك سعت العديد من الدول إلى تطوير نظمها التشريعية بإدخال نصوص وتشريعات عقابية وإجرائية تتوافق مع ظاهرة الإجرام التقني الحديثة، ومن هذه التشريعات ما كان موفقاً ومنها ما أصابه بعض الخلل والقصور،
وهو ما سنعالجه تباعاً ويكون محلاً للدراسة والتحليل البحثي المقارنســـــارعت العديد من الدول العربية إيجاد تشـريعات خاصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، فضلا عن الاتفاقيات الدولية، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لدرء أخطار هذه الجرائم حفاظا العربية تتعدد الأسباب التي تكمن وراء الجرائم الإلكترونية، منها ما يكون بسبب الثروة المعلوماتية على الإنترنت، ومنها ما يكون علىمستوى شخصي، إضافة إلى تفاوت ارتكابها وفق نوعها والجاني، ومستوى تنفيذها
يقوم المحقق الجنائي في مجال الكشف عن غموض الجريمة وفاعلها باتخاذ الإجراءات والوسائل المتنوعة اللازمة نظرا لكون الخبرة هي تحقيقا لمبدأ هام وهو مبدأ التخصص لتحقيق هدفه، ومن ضمن هذه الإجراءات الاستعانة بأهل الخبرة وذلك تقدير مادي أو ذهني يبديه أصحاب الفن أو الاختصاص في مسألة فنية التي يستطيع القائم بالتحقيق في الجريمة معر فتها وبمعلوماته الخاصة سواء أكانت تلك المسألة الفنية متعلقة بشخص المتهم أم بجسم الجريمة أم المواد المستعملة في ارتكابها أم آثارها
إن اختيار الخبير في الجرائم الإلكترونية يتوقف على نوع الجريمة المرتكبة ومجال الخبرة المطلوبة وطبيعتها الفنية، فلى يكفي حصول الخبير على درجة علمية معينة، وإنما ينبغي أن تكون لديه خبرة علمية تخصصية وكفاءة فنية عالية في حقل أو أكثر منا في البيانات أو الغش أثناء نقل أو بث حقول تقنية المعلومات ونظمها ووسائلها، فقد تكون الجريمة المرتكبة تزوير مستندات أو تلعبا في البيانات أو إطلاق الفيروسات أو قرصنة أو اعتداء على حرمة الحياة الخاصة أو التجسس ،
الجرائــم الإلكترونية مثلها مثل الجرائم التقليدية تقــع علــى الأشخاص وتقع على الأموال، إلا أن الاختلاف يظهر من جانبين، الأول في أداة الجريـمة، فالأداة في الجرائـم الإلكترونية تكـون ذات تقنيـة عاليـة فائقـة الأداء، فمـن يقـوم بهــذه الجريمــة يكــون عــادة أشخاص ذات ذكاء حــاد، يعلــم بطرق وأدوات اســتعمال هــذه الأداة ويبتكــر طر ق جديــدة ووســائل تســاعد في ارتــكاب جريمتــه، و في تجــريم هــذا النـوع مــن الجرائــم قــد يتــم اللجـوء إلى النصـوص القانونية التقليديــة، ومثــال ذلــك جرائــم الســرقة والرشـوة و التحــرش، أما موجـودا،
وظهر نتيجة التطـور التقـني والتكنولوجـي الهائل، وهـذا النـوع مـن الجرائـم الثاني نـوع آخـر مـن الجرائـم الإلكترونية لم يكـن يمكـن التعامـل معـه وفـق النصـوص القانونية التقليدية. وتكمن المشكلة في عدم قدرة تطبيق النصوص القانونية التقليدية على الجرائم الإلكترونية، وعدم وجود التشريعات القادرة على التعامل مع هذا النوع من الجرائم، وبما أن القاعدة الشرعية تقول “الجريمة والعقوبة إلا بالقانون” ومدلول ذلك أن القاضي لا يستطيع أن يتوسع في تفسير النصوص التقليدية لتطبيقها على الجرائم الإلكترونية، وقد ثار هذا الموضوع في القضاء الفرنسي للنظر في مدى تطبيق النصوص التقليدية على مثيلتها المرتكبة في الجرائم الإلكترونية،
ومن ذلك صدور حكم من القضاء الفرنسي باعتبار ييام موظف بإحدى الشركات بتصوير التصميمات الخاصة بآلة لتصنيعها وتسويقها بمشروع آخر بالاستعانة بهذه التصميمات سرقة دون البحث فيما إذا كانت هذه التصميمات بحمية ببراءة الاختراعكما هو معلوم فإن خبراء مسارح الجرائم يعملون على تفسير كيفية حدوث الجريمة من خلال عدد من المعطيات والنتائج للأدلة المرفوعة من مسرح الجريمة حتى يتمكنوا من تحديد نوع الجريمة والتعرف على الجاني.
إن قدرة التنبؤ الكبيرة التي تقدمها أدوات الذكاء الاصطناعي سوف تكون مساندة في اتخاذ القرار المرتبط بإعادة بناء مسارح الجرائم، فقد تم تطوير نموذج الشبكة البايزية وذلك للمساعدة في حل قضية ما. ويُعرف نموذج الشبكة البايزية بأنه نموذج رسومي احتمالي يمثل مجموعة من المتغيرات وتبعياتها الشرطية عبر رسم بياني دوري موجه،
وهو نموذج مثالي للتنبؤ بالاحتمالات. فعلى سبيل المثال، يمكن للشبكة أن تمثل العلاقات الاحتمالية بين الأمراض والأعراض، وكذلك العلاقات الاحتمالية بين الأدلة ونوع الجريمة. ويتكون النموذج المطور من ثلاث طبقات، وهي الفرضية والسيناريووالأدلة ويمكن بناء النموذج على حسب نوع الجريمة مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية تكييف النموذج وفقاً للأدلة المدخلة، ويخرج لنا النموذج مقترحات للسيناريو المحتمل المساعدة في اتخاذ القرار لإعادة بناء مسرح الجريمة كما يوضح في الشكل التالي، وتم تطبيق هذا النموذج في دراسة واقعية وفّرت اقتراحات استقصائية فعّالة ونتائج معقولة لإعادة بناء الجريمة كيف تمكنت من زيادة فعالية التقنيات العلمية ونتائجها، وانعكاس ذلك بشكل إيجابي على التحقيقات الجنائية.
يقدّم الذكاء الاصطناعي حلولاً علمية كبيرة تسهم في رفع قيمة النتائج المخبرية للاستفادة من التراث الإنساني الذي أنتجه العلماء خلال عقود، ويقودنا أيضاً إلى آفاق جديدة تسهم في فهم الأدلة، وتساعد في تفسير كيفية حدوث الجرائم، واستخدام القدرات الإحصائية خصائص التنبؤ.