احتباس المصنف الأدبي في القانون

 كتب /الدكتور عادل عامر                                                                                                                                     

                                                                                                                               

تظهر أهمية الملكية الفكرية في عصر اتسم بالسرعة والتقدم النوعي التكنولوجي مما يسر للشعوب الاتصال، وكأن العالم عبارة عن قرية صغيرة، ويقترن تطور الأمم بحق المؤلف فالأمم تتطور بقدر ما لدى أفرادها من عقليات ابتكارية في جميع مناحي الحياة ، ويظهر احترام الدول لحقوق المؤلف مدى رغبتها في التطور، فالإبداع يجب أن يحمى ليتهيأ للمبتكر الحياة الكريمة إذ ليس منطقياً أن يموت المبدع فقيراً معدماً بينما القراصنة يتمتعون بالحقوق التي أوجدها، ومن هنا كان لا بد لهذا الحق من حماية سواء أكان ذلك في شقه المالي أم الأدبي، بمختلف وسائل الحماية ومن جميع صور الاعتداء.

ويعتبر الإنتاج العلمي أو الأدبي أو الفني مرتبطاً بتطور المجتمعات الحقيقي، فهو الوسيلة الفعالة في نهضة البلاد، وهو أمر سهل الحديث عنه إلا أن تطبيقه أمر صعب يحتاج إلى إرادة وتصميم وعزيمة ووعيّ جاد وصادق وتعاون بين الدولة بمؤسساتها وبين الأفراد، فيجب أن يتوفر المناخ الإبداعي للأفراد بإطلاق الحريات وتحفيز الإبداع بإصدار تشريعات تحمي ما ينتج عن الإبداع والابتكار.

وتقسم حقوق الملكية الفكرية إلى قسمين رئيسين: الأول منها يشمل الآثار الأدبية والفنية وهو ما يعرف بحق المؤلف وما يلحق به من حقوق مجاورة، والثاني يضم الابتكارات الصناعية بأنواعها المختلفة كبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات التجارية والأسماء التجارية ويطلق عليها مصطلح الملكية الصناعي .

يقصد بحقوق الملكيَّة الأدبيَّة والفنية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ، ويعتبر هذا النوع من الحقوق من أوسع أنواع الحقوق الفكريَّة ؛ لأنها تشمل أي عمل علمي، أو أدبي، أو فني جديد يتميز بالابتكار، وتنقسم حقوق الملكيَّة الأدبيَّة والفنية إلى نوعين، هما: حقوق المؤلف، والحقوق المجاورة.

– تعريف حق المؤلف والحقوق المجاورة :

تناول قانون حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة رقم 82 لسنة 2002 في الكتاب الثالث حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في المواد من ( 138-188) من هذا القانون. واهتم المشرع المصري مبكرًا بحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة، وقد أوردت المادة 138 العديد من التعريفات التي تعنى بحق المؤلف والحقوق المجاورة، ومنها ما يلي :

– فعرف المؤلف:

بأنه( الشخص الذي يبتكر المصنف، ويعد مؤلفًا للمصنف من يذكر اسمه عليه أو ينسب اليه عند نشره باعتباره مؤلفا له ما لم يقم الدليل على غير ذلك”. واعتبر المشرع المصري مؤلفًا للمصنف كل من ينشره بغير اسمه أو باسم مستعار بشرط ألا يقوم شك في معرفة حقيقة شخصه ، فإذا قام الشك اعتبر ناشر أو منتج المصنف سواء أكان شخصًا طبيعيًّا أم اعتباريًّا ممثلا للمؤلف في مباشرة حقوقه إلى أن يتم التعرف على حقيقة شخص المؤلف).

وبموجب_ القانون المصري رقم82 لسنة 2002 أقر لأصحاب الحقوق المجاورة بأحقية أعمالهم بالتمتع بالحماية.

– وعرف فناني الأداء : بأنهم ( الأشخاص الذين يمثلون أو يغنون أو يلقون أو ينشدون أو يعزفون أو يرقصون في مصنفات أدبيَّة أو فنية محمية طبقًا لأحكام هذا القانون أو آلت إلى الملك العام أو يؤدون فيها بصورة أو بأخرى بما في ذلك التعبيرات الفلكلورية).

– وعرف منتج التسجيلات الصوتية :

بأنه( الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يسجل لأول مرة مصنفًا تسجيلًا صوتيًّا أو أداء لأحد فناني الأداء وذلك دون تثبيت الأصوات على الصورة في إطار إعداد مصنف سمعي بصري).

– عرف الإذاعة :

بأنها( البث السمعي أو السمعي البصري للمصنف أو للأداء أو التسجيل الصوتي أو لتسجيل المصنف أو الأداء وذلك إلى الجمهور بطريقة لاسلكية ويعد كذلك البث عبر التوابع الصناعيَّة).

– هيئة الإذاعة:

فهي ( كل شخص أو جهة منوط بها أو مسئولة عن البث الإذاعي اللاسلكي السمعي أو السمعي البصري) .

– التَّقليد في حق المؤلف والحقوق المجاورة :

تنص المادة 181 م قانون حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة على أنه “….يعاقب ….كل من ارتكب أحد الأفعال الآتية …..:

ثانيًا / تقليد مصنف أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي أو بيعه أو عرضه للبيع أو للتداول أو للإيجار مع العلم بتقليده ”

وجرم المشرع المصري تقليد المصنف أو التسجيل الصوتي أو البرنامج الإذاعي .

أما بالنسبة لتعريف جريمة التَّقليد فلم يضع التشريع أو القضاء سواء في مصر أو خارجها تعريفًا لجريمة التَّقليد، وكذلك الاتفاقيات الدولية؛ لذلك اجتهد الفقه في تعريف تلك الجريمة، حيث عرفها الكثيرون بأنها ” كل فعل ينطوي على اعتداء على حقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة سواء كانت هذه الحقوق أدبيَّة أو ماليَّة .

ويعرف البعض جريمة التَّقليد 🙁 بأنها كل اعتداء مباشر أو غير مباشر على حقوق التأليف في مصنفات الغير واجبة الحماية، “وأفعال الاعتداء قد تكون في صورة مباشرة إذا انصبت على المصنف ذاته محل الحماية ، وقد تكون في صورة غير مباشرة إذا انصبت على مصنف مقلد مثل بيع أو تأجير مصنفات مقلدة).

كما كان الفقه والقضاء المصري في ظل قانون حماية حق المؤلف رقم 354لسنة 1954قبل تعديله يأخذون بهذا المفهوم للتقليد ؛ حيث ذهبت محكمة النقض في أحد أحكامها إلى أن” المشرع قد حرص على أن يكون للمؤلف وحده دون غيره الحق في تقرير نشر مصنفه واستغلاله بأية طريقة وعلى ألا يكون لغيره مباشرة حقه في الاستغلال على أية صورة دون الحصول على إذن كتابي سابق منه حال حياته أو ممن يخلفه بعد وفاته، وتعقب المادة 47 من ذات القانون على مخالفة ذلك بما نصت عليه من أن يعتبر مكونا لجريمة التَّقليد ويعاقب عليه بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه كل من ارتكب أحد الأفعال الآتية (أولًا) من اعتدى على حقوق المؤلف المنصوص عليها في المواد (5و6و7 فقرة أولى وثالثة من هذا القانون.(ثانيًا) من باع مصنفا مقلدا …..إلخ (ثالِثًا) من قلد في مصر مصنفات ….الخ”.

(حكم نقض: طعن رقم 76لسنة 5ق بجلسة 16 أكتوبر 1980مجموعة الأحكام الصادرة في الدائرة الجنائية السنة الحادية والثلاثون ص 899)

واختلف الفقهاء في تحديد جريمة التَّقليد ؛ حيث يرى اتجاه فقهي وقضائي أي اعتداء على حق المؤلف يمثل جريمة التَّقليد، بينما يرى اتجاه آخر إلى أن جريمة التَّقليد هي اصطناع نموذج مشابه للعمل الأصلي . وذهبت محكمة النقض أن جريمة حيازة مصنفات فنية مقلدة يتم تحققها بكون التشابه بين المصنف المزور والصحيح مقبولا ويخدع به الناس.

(حكم نقض: طعن رقم 7912لسنة 80 ق جلسة 9مايو 2012)

وقد جرم المشرع المصري التعامل مع الأعمال المقلدة ( المصنف أو التسجيل الصوتي أو البرنامج الإذاعي المقلد)، سواء اتخذ هذا التعامل صورة البيع أو العرض للبيع أو التداول أو للإيجار والتي نصت عليها جريمة الفقرة 2 من المادة 181 من القانون رقم 82 لسنة2002. وبين أن هذه الجريمة بشقيها ( التَّقليد والتعامل فيما تم تقليده ) يقوم حتى ولو كانت المصنفات نشرت بدون اسم مؤلفها أو باسم مستعار، وتعد هذه الجريمة جريمة خطر أو جريمة سلوكية تتحقق متى تحقق الفعل المؤثم سواء حدث ضرر فعلي لحق المؤلف أو صاحب الحقوق المجاورة أو لا دون اشتراط تحقق ضرر محدد أو نتيجة معينة.

كما نصت المادة 181 على تجريم القرصنة على المصنفات المنشورة في الخارج حيث تكون عادة محمية طبقًا لقانون البلد التي نشرت فيها أو طبقًا لأحكام الاتفاقيات الدولية بغض النظر عن جنسية صاحب الحق، حيث ساوى المشرع المصري بين كون المؤلف أو صاحب الحق المجاور من رعايا الدولة أو أجنبيا عنها، حيث تنص المادة 181 على أنه يعاقب كل من ارتكب أحد الأفعال الآتية ، ومنها:

(ثالِثًا) التَّقليد في الداخل لمصنف أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي منشور في الخارج أو بيعه أو عرضه للبيع أو للتداول أو للإيجار أو تصديره إلى الخارج مع العلم بتقليده .أن حق استغلال المصنف وهو حق مادى يجوز للمؤلف أن ينقله إلى الغير ومتى كان النزاع خارجًا عن نطاق الحق الأدبي للمؤلف الذى تنظمه أحكام القانون رقم 354 سنه 1954 وهو أمر أباحته المادة 37 من القانون المذكور ولا مخالفة فيه لنص المادتين 5/ 1و38 من هذا القانون.

 وحيث أنه لما كان هذا العقد قد تضمن وبلا خلاف بين أطرافه حق استغلال مصنفات معينة – وهو حق مادى – والتي يجوز للمؤلف أن ينقله للغير، وإذ تمسكت الشركة المطعون ضدها بتقادم هذه الدعوى، ولما كان القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حقوق المؤلف المنطبق على الواقعة لم يرد به نص خاص يحكم مسألة البطلان المطلق، فإنه يتعين وطبقا للقواعد العامة الرجوع إلى القانون العام

وهو القانون المدني والذى استحدث في الفقرة الثانية من المادة 141 منه النص على سقوط دعوى البطلان المطلق بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد احتراما للأوضاع التي استقرت بمضي هذه المدة بعد صدور العقد الباطل، لما كان ذلك،

وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في الدعوى على هذا الأساس فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس ولا ينال من ذلك صدور القانون رقم 82 لسنة 2002 لعدم انطباقه على وقائع الدعوى ذلك أن القوانين لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا تنعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك, الأمر الذي يكون النعي عليه بسببي الطعن على غير أساس. “إذا وقع تعد على حق الطبع والتأليف المحفوظ في ان أثر فيحق لصاحب الحق المذكور أن يلجأ الي كافة طرق المقاضاة التي يخوله أو قد يخوله إياها القانون فيما يتعلق بالتعدي على ذلك الحق …”، ويعني ذلك أي حماية قد يمنحها أي قانون سواء أكان قانون حق الطبع والتأليف أو قانون المرافعات المدنية والتجارية. والمدني

يوجد إلى جانب الإجراءات الوقائية أو التحفظية حماية موضوعية تتصل بأصل الحق التعويض العيني”، والذي يكون بإعادة الحال إلى ما كان عليه إذا كان ذلك ممكناً قبل حدوث الاعتداء، وهو غالباً ما يكون أفضل للمؤلف لأنه يؤدي إلى محو الضرر الذي أصابه بدلاً من ، وإذا تعذر ذلك يكون 1 بقاء الضرر وإعطائه مبلغاً من المال كما في حال التنفيذ بمقابلبالحصول على تعويض عادل تقدره المحكمة أو إصلاح الحال “التنفيذ بمقابل

وسأتطرق للضمان في الفقه الإسلامي فهو يتصل بدراستي، وجدير بالذكر أن مجلة الأحكام العدلية تمثل المدرسة المنبثقة عن الفقه الإسلامي تلك التي أخذت بالقاعدة العامة التي ، وقد نصت المجلة في القاعدة  مفادها أن كل من سببّ ضرراً للغير يلزم من ارتكبه التعويض وهما ” والتي تفرع عنها عدة قواعد منها ” الضرر يزال” الكلية الكبرى “لا ضرر ولا ضرار

الأساس للحكم بالتعويض

، وبالتالي فقد تناثرت الأحكام  ولم يحاول الفقهاء المسلمون صياغة نظرية عامة للضمان الأحكام أو التطبيقات التي عالجت أحكامها ولا نجد اتفاقاً لدى الفقهاء على أسباب الضمان ، فيجعلها السيوطي العقد واليد والإتلاف والحيلولة، ويضيف لها ابن 8 وهناك اجتهادات مختلفة رجب سبباً خامساً وهو التغرير ، ويرى الدكتور الأحمد أن ضمان العقد في الفقه الإسلامي يشمل أحكام المسؤولية العقدية المطبقة نتيجة الإخلال بتنفيذ الالتزام العقدي في العقد الصحيح، وتلك الأحكام التي تقتضي التعويض رغم أن العقد لم يعد صحيحاً فيما بعد في مراحله ، ومصطلح الضمان أعّم وأدق وأشمل من  التحضيرية، ويشمل الضمانات التي يرتبها القانون

ويعرف الفقه المسؤولية التقصيرية: “بأنها إلزام من أحدث ضرراً غير المسؤولية المدنية ، إلا أن الدكتور الأحمد يرى أنها المسؤولية التي يقررها 3 مشروع بالغير بتعويض هذا الضرر يقررها القانون على محدث الضرر نتيجة إخلال بالتزام قانوني مرّده عدم الإضرار بأحد، وهذه

، ويشمل الضمان الحكم التكليفي المسؤولية تنشأ عن الفعل الضار أو العمل غير المشروع وهو يتضمن حكم تكليفي وهو وجوب الضمان في العقد كما نجد في قوله والحكم الوضعي وبوجوبه في غيره بقوله تعالى: “ولا تأكلوا أموالكم 7 تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود

، كما أنه يتضمن حكماً وضعياً في جعله سبباً للالتزام وشرطاً للتعويض ومانعاً  بينكم بالباطل للأجر

الفرع الأول: الضرر:

إن توافر عنصر الضرر في الاعتداء على حق المؤلف يعتبر شرطاً أساسيا للجزاء ، ويقصد بالضرر: “كل أذى يصيب الشخص في حقوقه أو مصالحه  المدني المتمثل بالتعويض ، ومثال  المشروعة والمقصود هنا الضرر الذي يصيب المؤلف سواء أكان ماديا أم معنوياً

الأول حرمان المؤلف من العائد المالي من استغلال مصنفه مالياً، أما الثاني فيمس اسم المؤلف ، ويمكن تعريف الضرر الأدبي: “بأنه الضرر الذي  كما لو نسب غير المؤلف المصنف إليه يصيب الشخص في مصلحة غير مالية كالأذى الذي يلحق الشخص في اعتباره أو ما يمس ،” وهو الضرر الذي يقع على سمعة المؤلف أو مكانته الفنية، كذلك الحال مشاعره وأحاسيسه ، ومن صور الضرر الأدبي كما لو 3 بشأن عملية الاستغلال غير المشروع للمصنفات المحمية وضع شخص اسمه على أحد مصنفات المؤلف أو وضع صورة لفنان مشهور على إحدى السلع الرديئة  ويشترط في الضرر عدة شروط : أولها: أن يكون محققاً، أي أن يكون قد وقع فعلاً أو ثانيهما: أن يكون مباشراً، أي  ، سواء أكان حالاً أم تراخى وقوعه إلى المستقبل سيقع حتماً ، وهذه مسألة تقديرية لقاضي الموضوع  نتيجة طبيعية للخطأ فلا يمكن تحاشيه ببذل جهد معقول رابعها: أن  ، ثالثها: أن يكون شخصياً، لمن يطالب به  الموضوع تبعاً لظروف كل مسألة يصيب الضرر حقاً مكتسباً أو مصلحة مشروعة للمتضرر

، وخامسها: أن لا يكون الضرر قد ، ويكون الضرر الذي يصيب المؤلف ثابتاً على وجه اليقين إذا تناول أحد  سبق التعويض عنه فلا يستطيع الشخص أن يطالب بتعويض أصاب غيره إلا إذا كان نائباً عن المصاب أو خلفاً عاماً له كالوارث وفي الحدود التي نص عليها القانون.

، ويجب أن يكون الضرر الأدبي الذي يصاب به حقوقه الأدبية وظهر في شكل مادي محسوس به المؤلف ضرراً مباشراً أي أن يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، وتتحدد النتيجة الطبيعية بما لا يستطيع الدائن في الالتزام في أن يتوقاه ببذل جهد معقول وفي كلا نوعي المسؤولية المدنية العقدية أو التقصيرية لا يسأل المدين إلا عن الضرر ، ويتم التعويض في المسؤولية العقدية عن الضرر المباشر المتوقع أما في المسؤولية المباشر التقصيرية فيتم التعويض عن الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع، والعلة في ذلك أن المسؤولية العقدية تقوم على العقد ولذا فإن إرادة المتعاقدين هي التي تحدد مدى الضرر الواجب التعويض عنه، إلا أنه يتم التعويض في المسؤولية العقدية عن الضرر المباشر المتوقع وغيرالمتوقع وذلك في حالة غش المدين والخطأ الجسيم وتدق مسألة التمييز بين الضرر المباشر و غير المباشر ويصعب أحياناً وضع معيار دقيق للتفرقة بينهما مما دفع بعض الفقهاء إلى القول بأنها مسألة ذوق وفطنة أكثر منها مسألة فقه وقانون، وأنها مسألة وقائع يفصل فيها قاضي الموضوع تبعاً لما يراه من ظروف كل مسألة وتعدّ الأضرار الأدبية مباشرة إذا على انفراد، ويكون فيها غير خاضع لرقابة محكمة النقضانصب الاعتداء على أحد الحقوق الواردة في قانون حماية حق المؤلف سحبه من التداول، وجميعها من حقوق المؤلف الأدبية، لا يتحقق الضرر في حالة الاعتداء عليها إلا إذا اتخـذ الاعتـداء شكلاً محسوساً وبدا في صورة عمل مادي تستطيع المحكمة تبينه دون عناء، كأن يتولى الغير نشر المصنف أو يجري فيه تعديلاً أو يسحبه من التداول. ويعتبر الضرر في جميع هذه الحالات محققاً حالاً، وليس وهمياً أو افتراضياً، لأن المحكمـة تستطيع التثبت من وجوده وتملك تقديره“.

لقد استقر الفقه والقضاء في فرنسا على تعويض الضرر المادي الذي يصيب الغير ، إلا أن الخلاف ثار حول التعويض عن  استناداً للمادة 1382 من القانون المدني الفرنسي الضرر المعنوي؟ وقد استقر الفقه والقضاء الفرنسي على التعويض عن الضرر الأدبي استناداً وبذلك أخذ القضاء المصري  للقاعدة السابقة ويرى الفقه الإنجليزي أن نص المادة 6 من قانون حق المؤلف البريطاني  1911يشتمل على الضرر المعنوي ضمنها، وجاء في شرح تلك المادة أنه يتم قياس الضرر من خلال الخسارة التي يعاني منها مالك حق الطبع والنشر نتيجة نقصان مبيعات عمله أو خسارة الربح الذي كان من الممكن الحصول عليه ، وقد قضت المحكمة في سابقة ” إن حقيقة أن العمل الذي تعرض للقرصنة يمكن أن يسيء إلى العمل الأصلي وتتحدث هذه السابقة وسمعته ويعتبر أمراً يستحق الأخذ بالاعتبار عند تقييم درجة الضرر عن الضرر المعنوي الذي يسيء إلى سمعة العمل الأصلي أليس الضرر المعنوي الذي يسيء

إلى الاعتبار والسمعة؟  وفي قضية بايرن وشركة ستاتيست 1914 حيث قامت صحيفة بإعادة إنتاج ترجمة المدعي لخطاب عام، وتحويله إلى إعلان في الجريدة قام القاضي بتقييم الأضرار حين بلغت المادة 1382 من القانون المدني الفرنسي ” تلزم من تسب بخطئه ضرر أصاب  الغير بتعويضه عما لحقه من ضرر، تقرر قاعدة عامة في تعويض الضرر سواء كان الضرر مادياً أو أدبياً. وأن هناك بعض الحالات التي تستطيع فيها النقود محو وإزالة الضرر كله أو بعضه  الضرر المعنوي يرجح الرأي القائل بنص المجلة على التعويض عن الضرر المعنوي في قاعدة الضرر يزال المتفرعة عن القاعدة الكلية الفقهية الكبرى لا ضرر ولا ضرار، وأصل قاعدة “لا ضرار ولا ضرار” حديث للرسول عليه السلام ، وجه الدلالة في الحديث تحريم الضرر ومنعه، ، وهناك رأيان حول التعويض عن الضرر المعنوي إلا 3 ويدل الحديث على نفي الضرر مطلقاً أنه أيد الرأي الذي يجيز التعويض مستنداً على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) فالنبي صلى الله عليه وسلم قد نفى الضرر مطلقاً سواء أكان مادياً أم معنوياً، فكما لا يجوز إيقاع الضرر المادي ، وهناك رأي في الفقه العراقي يذهب الي القول أن مجلة  لا يجوز إيقاع الضرر المعنوي الأحكام العدلية، قد احتوت على صورة خاصة من الضرر المعنوي، إذ أنها عدت الضرر المتمثل برؤية محل النساء في حصن الدار والمطبخ والبئر هو ضرر معنوي يحكم بتعويضه  اعتداء: إذا وقع تعد على حق الطبع والتأليف المحفوظ في أثر فيحق لصاحب الحق المذكور أن يلجأ إلى كافة طرق المقاضاة التي يخوله أو قد يخوله إياها القانون فيما يتعلق بالتعدي على ذلك الحق كاستصدار أمر تحذيري أو أمر بالمنع أو الحصول على عطل وضرر أو محاسبة المعتدي أو غير ذلك. يعود للمحكمة تقرير النفقات التي يتحملها جميع الفرقاء في الإجراءات المتعلقة بالتعدي على حق الطبع والتأليف.

قاعدة سد الذرائع كسند على التعويض عن الضرر  عيناً

المعنوي في الفقه الإسلامي. وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بمسائل الضرر المعنوي إجمالا وتفصيلاً، ورأت أن مبدأ التعويض عن الضرر المعنوي مبدأ أصيل في الفقه، وهو مرتبط ، ويميز الدكتور خالد شعيب بين الضرر المعنوي الذي تترتب عليه خسارة 2 بقاعدة إزالة الضرر مالية، والضرر الذي لا يترتب عليه خسارة مالية فالأول يجب التعويض عنه بالمال كالضرر المادي، والثاني يجوز التعويض عنه ويجوز فرض عقوبة أخرى حسب ما يراه القاضي من مصلحة

وأرى في القضية السابقة أن قانون 1911 عوض عن الضرر الأدبي الذي يصيب الإنسان في سمعته لكنه لم يضع معياراً وهذه سابقة رائعة تفتح الباب للتعويض عن الضرر الأدبي دون تحديد سقف معين، وقد ترك تقديره للمحكمة وفق القواعد العامة للمسؤولية التي تستوجب محو الضرر أو جبر الضرر.

الفرع الثاني : طرق التعويض:

يختلف إصلاح الضرر باختلاف طبيعة المواد المتضررة، فإذا أمكن إزالة الضرر نهائياً بإعادة الحال الى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر كان التعويض تعويضاً عينياً في رأي الأستاذ السنهوري وكثير من الفقهاء ،.. أما في الحالات التي يتعذر فيها التعويض العيني فلابد من ان ، وهذا ما سأتناوله في هذا الفرع. يصار الى تعويض غيره، سواء أكان نقدياً أم غير نقدي

.1 التنفيذ العيني:

يقصد بالتنفيذ العيني” عملية إصلاح الضرر إصلاحاً تاماً بإعادة الحال إلى ما كانت عليه ، والتنفيذ العيني هو 2 ، وهناك من يطلق عليه اسم التعويض العيني 1 قبل الإصابة أو الحادث”  الأصل وليس التعويض، فلا يلجأ إلى التعويض إلاّ إذا استحال إعادة الحال إلى ما كانت عليه ، ويتخذ التعويض هنا صورة إلزام الشخص المعتدى تنفيذ عين ما التزم به حسب نوع الالتزام القانوني سواء أكان عقدياً أم تقصيرياً، فإذا تعاقد الناشر مع المؤلف على طبع عدد معين من النسخ وطبع أعداداً زائدة لبيعها لحسابه الخاص دون إذن من المؤلف فان التنفيذ العيني يكون ، وإذا كان قد حذف فقرات أو أجزاء من المصنف يؤمر بإعادة نشر برد العائد المالي المتحصل المصنف بعد إعادة هذه الفقرات إليه، وإذا كان الاعتداء قد جرى عن طريق سحب المصنف من ، ومن صور التنفيذ العيني إتلاف  التداول يكون قرار المحكمة بإعادة المصنف إلى التداول المصنفات المقلدة الذي يقصد به إعدام نسخ أو صور المصنف محل الاعتداء أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو العمل

.3 التعويض غير العيني:

يعد التعويض بمقابل الصورة الثانية الغالبة للتعويض، فقد يكون التنفيذ العيني مستحيلاً أو غير ممكن في بعض الحالات، فيكون المجال الأوسع لهذا النوع من التعويض

ويقصد بالتنفيذ بطريق التعويض: “أن يدخل المدين في ذمة المتضرر قيمة معادلة لتلك ، وقد يكون التنفيذ 1 التي حرم منها فلا يرمي التعويض هنا الى محو الضرر بل الى جبره بطريق التعويض بمقابل نقدي أو غير نقدي، ويعتبر التعويض بمقابل نقدي الأساس في المسؤولية عن الفعل الضار، لأن للنقود وظيفة إصلاح الضرر الناجم عن الفعل الضار مهما ، وهو ما نصت عليه المادة 49 من قانون حق المؤلف كان نوع الضرر مادياً أو معنوياً فإذا تعذر جبر الضرر وإعادة الحال إلى ما كانت عليه للقاضي جاء الحكم بمبلغ من  الأردني

المال على سبيل التعويض للمضرور.

ويقصد بالتعويض بمقابل غير نقدي: أن تأمر المحكمة بأداء أمر معين على سبيل التضمين وقد نص المشرع الأردني صراحة على هذا المبدأ في المادة 2/296 من القانون المدني ، وشروط التعويض، ويتمثل بأن تأمر المحكمة بأداء أمر معين على سبيل  التعويض الأردني بمقابل غير نقدي هي ذات شروط التنفيذ العيني، وقد يكون هذا التعويض خير وسيلة لمعالجة ، ويتمثل التعويض  الضرر الأدبي في حالة الاعتداء على أي مظهر من مظاهر الحق الأدبي غير العيني في بعض الحالات التي تكون من مصلحة المتضرر أن يطلب مثل هذا التعويض إذا رأى أنه لا يستطيع بمبلغ التعويض الذي دفع إليه للحصول على مثل الشيء الذي أصابه، ويجوز للمؤلف بدلاً من أن يطلب إتلاف النسخ التي نشرت بدون إذنه أن يطلب من المحكمة أن تأمر بإعطائه جميع النسخ أو بعضها حسب ما أصابه من ضرر أدبي وذلك في حدود ما يفي منها بتعويض عن الضرر الذي أصابه، وللمؤلف كذلك أن يطلب بيع النسخ لحسابه فمن باب أولى أنه يحق له أن يأخذ هذه النسخ بقدر ما أصابه من ضرر كتعويض حيث أنها تتضمن ،وهذا ما نصت عليه المادة السابعة من قانون .1911 1 ابتكاره

.3 أسس تقدير التعويض:

يكون تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة وعلى المحكمة أن تراعي عند تقدير التعويض الضرر الذي أصاب المؤلف، ويشتمل الضرر على عنصرين هما ما لحق به من خسارة وما وهذا في التعويض عن الضرر في المسؤولية التقصيرية، وقد نصت المادة 266 2 فاته من كسب من القانون المدني الأردني على أنه” يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار“.  ولم تتبنّ المجلة صراحة الأحكام السابقة، إلا أنّ هناك قواعد يفهم منها أنها أخذت بالتعويض عن الضرر في المسؤولية، فقد نصت في قاعدة “لا ضرر ولا ضرار” و”الضرر يزال”، والضرر الحاصل والمقطوع بحصوله وهو يتفق مع قواعد القانون المدني الأردني، ويرى الفقه الإنجليزي أن قانون 1911 نص على هذه القاعدة ، ففي شرح المادة 6 من القانون يكون قياس الضرر من خلال الخسارة التي يعاني منها مالك حق الطبع والنشر نتيجة نقصان ، وهنالك جزء آخر ضمن 3 مبيعات عمله أو خسارة الربح الذي كان من الممكن الحصول عليه القانون يمكن للمدعي أن يبني ادعاءه بالضرر، من خلال المادة 7 التي تعدّ السند القانوني ضمن القانون لما يمكن أن يرتكز عليه من خلالها وجاء فيها: “إن جميع النسخ المنتهكة للحق لعمل ما يوجد فيه حق للطبع والنشر وجميع الأجزاء التي وضعت بهدف إنتاج تلك النسخ المنتهكة سوف تعتبر ملكاً لمالك حق الطبع والنشر إذا كانت متمتعة بحماية قانون حق الطبع والتأليف، ويمكن أن يقوم صاحب الحق المذكور باتخاذ الإجراءات لإعادة وضع يده عليها أو لاستغلالها لمنفعته

ويمكن أن تكون النسخ التي يحجز عليها بمثابة تعويض للمؤلف إذا كانت صالحة للاستعمال فليس من الضروري إتلافها، فقانون 1911 لم يلزم المحكمة بمصادرة النسخ وإتلافها إنما جعل من حق المؤلف أن يأخذها، وهذا يتفق مع اتفاقية تريبس التي نصت في المادة 46 منها وجاء فيها: “للسلطات القضائية التصرف بالسلع خارج القنوات التجارية بما يضمن تجنب إضرار بصاحب الحق أو إتلافها“.  تحت هذه المادة يقاس الضرر بحيث يكون المدعى عليه مسؤولاً عن كل نسخة من كتابه المباع كما لو كانت نسخة من كتاب المدعي نفسه وأن يقوم بدفع تلك الأرباح التي كان من ، كما نص قانون 1911 على حساب الأرباح 3 الممكن أن يجنيها من بيع هذه النسخ “Account”، يعالج من خلال حساب الأرباح وهو علاج منصف عرضي فيما يتصل بحق ، لكن المدعي لا يمكنه أن يحصل على كل من حساب الأرباح والخسارة أو  الإنذار القضائي الضرر الذي تعرض له المدعي نتيجة عملية التعدي ويراعى في تقدير التعويض شخص المؤلف واسمه وشهرته فيختلف الاعتداء على مؤلف مغمور منه عن الاعتداء على مؤلف مشهور، ويختلف عن فنان في أول مشواره الفني ، فيراعي القاضي مكانة المؤلف الثقافية بالنظر للمؤلف في مجال اختصاصه عن فنان مشهور وقيمة المصنف الأدبية وأيضا شهرته ومدى أهميته ومدى استفادة المعتدي من استغلال ترجمتي   وتعدّ مسألة تقدير التعويض مسألة وقائع يستقل بها قاضي الموضوع  المصنف المحكمة التعويض تبعاً للملابسات والظروف التي أحاطت بالقضية وجسامة الضرر الذي لحق بالمؤلف

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

Recent Posts

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس السيسي يؤكد دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

كتبت مني جودت أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في ...